22 ديسمبر، 2024 2:30 م

يستغرب المرء حينما يسمع أن دولاً اوروبية وحتى عربية، لديها سفراء يعدَون بعدد اصابع اليد، وهم ثلة من موظفي وزارة الخارجية الذين قضوا معظم حياتهم في العمل بالسلك الدبلوماسي ومارسوا وظائفهم في تمثيل دولهم لسنوات عديدة بمهنية عالية، والسبب في الاقتصار على عدد قليل من السفراء ليس العلة في نقص الكوادر أو أن الاحزاب السياسية التي تأتلف في حكومات تلك البلدان قليلة العدد، بل أن عمل وزارة الخارجية في تلك البلدان مهني ولا يتأثر في أهواء رؤساء الاحزاب وميولهم الشخصية واطماعهم الحزبية، حيث يقتصر التمثيل الدبلوماسي في جمهورية ايطاليا مثلا أو النمسا في أعلى هرم بعثاتهم على موظفين بدرجة وزير مفوض من ذوي الخبرة والتدرج في السلم الوظيفي، وعند إرساله للعمل بالخارج يبتعث بعنوان سفير بالتسمية.
في الجزائر مثلا هناك ما يقدر بستة سفراء معتمدين لدى الدولة في بعثاتهم بالخارج، وليس ببعيد عن دول اوروبا فمعظم السفراء الاخرين هم من في درجة اقل من سفير، اي وزير مفوض، ويحتفظ بلقب سفير عندما يكون عمله خارج حدود بلده. أما في العراق، فقد أنتجت المحاصصة الحزبية العمياء، نماذج من السفراء الذين لا يمكن بأي حال من الاحوال قبولهم كموظفين اداريين وليس في السلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية، وذلك لأنهم ببساطة جاءت بهم المحاصصة الغبية لاحزاب الدمار والخراب والتي لا تختلف عن نظام الطاغية بشيء. أحد السفراء الذين اصبحوا بالصدفة، حينما جاءت بهم المحاصصة الغبية، سفير للعراق كان لدية أحد اقاربه يعمل بمكتب وزير ينتمي إلى حزب الدعوة، واثناء البحث عن سفير لحصة مكون هذا الوزير، توسل مدير مكتب الوزير بالوزير ليكون اقاربه سفيرا، فكان له ما اراد! وجاء السفير بعد أن صدر بحقه مرسوم جمهوري للعمل بوزارة الخارجية وهو لا يعرف ما هو عمل السفير وكيف يؤدي عمله، وأُرسل لتمثيل العراق في بعثة عراقية بالخارج وهو يدعي بأنه حاصل على شهادتي دكتوراه، كل واحدة تختلف عن الاخرى في الاختصاص، وإذا به لا يعرف كيف يهمش على البريد! اعانه احد الموظفين بتعليمه كتابة العبارة التالية، (لإجراء اللازم) على كل كتاب وارد في البريد، فأخذ الاخ يكتبها ويوقع تحتها، ولم يستثني حتى قسيمة نتيجة تحليل طبي لاحد الموظفات جاءت من مختبر بالبريد على عنوان السفارة، فوقع عليها واضعا نفس العبارة.! هذا السفير طبعا كان فذا ودبلوماسياً رفيع المستوى، ففي احد الايام تشاجر مع السائق الذي يقله بسيارة السفارة، فقام بطرد السائق من عمله. وبعد مطالبة السائق بمكافئة نهاية الخدمة، قام السفير برفض منحه هذا الحق، فجاء السائق مع محاميه لزيارة السفير بمكتبه بالسفارة ليحل الإشكال ودياً قبل اللجوء الى المحاكم، فما كان من السفير إلا ان قام بضرب السائق وأمام محاميه بمجموعة من المفاتيح بيده وعلى مؤخرة عنق السائق فأدماه، وكادت تكون معركة لولا تدخل محامي السائق وبعض موظفي السفارة الذين فضوا النزاع، فخرج السائق مع محاميه ولكن المحامي قام بالاتصال بالشرطة والاسعاف! فسجلت الشرطة محضرا ضد السفير، لقيامه بالتهجم والاعتداء على احد مواطني البلد المضيف، وإلزامه للمثول امام القضاء والحكم عليه بتعويض السائق المتضرر مرتان! كان السفير المتبجح بشهاداته التي حصل عليها بمقابل نقدي يطالب موظفيه أن يكتبوا قبل كتابة اسمه الحرف(د) مرتان د.د لأنه حاصل على شهادتي دكتوراه، والمصيبة ان كل أطروحة دكتوراه لا تتعدى الثلاثين صفحة!!!