معظم دول الأمة فاقدة لبوصلة القيادة , فالفرس بخيالها , والدول بقادتها , فأنى يكونوا تكون.
يقال أن الإسكندر لما إستولى على بلاد فارس , إستشار أرسطو في كيف يسيطر عليها , فإقترح عليه : “بتوزيع ممالكهم بينهم ويلقب مَن يوليه بالملك ولا يخضع لغيره , ثم يقع بينهم تغالب على الملك , فيعود حربهم لك حرب بينهم , فإن دنوت منهم دانوا , فإن نأيت تعززوا لك , وفي ذلك شاغل لهم عنك , وأمان لإحداثهم بعدك شيئا”!!
ويبدو أن “سايكس – بيكو” , ربما مستوحاة من هذه الإستشارة!!
دول متعددة وعلى رأسها ملك أو أمير أو رئيس , وكل يريد الهيمنة على الآخرين من حوله , فما تقاربوا , بل تنافروا وتخاصموا وتصارعوا , وإستعانوا بالطامعين بهم على بعضهم.
دول تجتاح دولا , ودول تتآمر على دول !!
والحدود بينهم شديدة قاسية , والقطيعة من موجبات التخندق في زنزانة الدول , والخنوع للسلطان المؤيَد بقوة الأسياد القائمين على نظام حكمه الفردي القهري العتيد , الذي يمكنهم تقويضه وفقا لمقتضيات المصالح ودستور الهيمنة , والقبض على مصير البلاد والعباد.
دولنا سفن تائهة في بحار الدنيا الهائجة , تتزاحم عليها الحيتان , وتهاجمها أسماك القرش , وتزعزع أركانها الأمواج العانية.
وعلى متنها أجيال تتلهى بأجيال , وتُرمى للوحوش الجائعة التي إستطيبت لحومها , وأدمنت على إفتراسها , بمعونة الكراسي المهيمنة على وجودها.
ترى لماذا دول الأمة ربانها عميان؟
لماذا لا يعرفون الرسو في موانئ العصر الفتان؟
النهر يجري والأجيال تسبح ضد التيار!!
فهل هذا إحتضار؟!!