شـهـادة للـتـاريـخ :
فـي 14 مـايـس ( أيـار ) مـن عـام 2003 أي بـعـد تـحـريـر الـشـعـب الـعـراقـي مـن نـيـر الـدكـتـاتـوريـة الـجـائـرة وإسـقـاط الـنـظـام الـمـقـيـت ( بـالـطـريـقـة الــتي لا يـسـقـط بـغـيـرهـا ) أي بـعـدة أسـابـيـع مـن هـذا الـحـدث الـجـلل كـنـت قـد أرسـلـت بـرسـالـة هـادئـة إلـى الـرئـيـس بـشـار الأسـد وإنـا فـي دمـشـق بـثلاث صـفـحـات عـبـر بـريـده الإلكتروني الـشـخـصـي ، والـذي أستـحـدثـه تـوا ً آنـذاك .
ذكـرت لـه فـيـهـا مـقـدمـات وعـرض مـفـصـّـل للـسـيـاسـة الـدولـيـة الـجـديـدة ومـا وراء مـصـطـلـح الـعـولـمـة ، والفوضى الـخـلاقـة ، والـشـرق الأوسـط الـجـديـد ، وكـان دافـعـي مـن وراء هـذه الـنـصـائـح الـنـاتـجـة عـن عـمـق تـجـربـتـي الـحـيـاتـيـة وولـعـي بـالـشـؤون الـســياسـيـة … أقـول كـان دافـعـي مـن ورائـهـا ، هـو رد الـجـمـيـل . والاعـتـراف بـحـسـن الـمـعـروف للـحـكـومـة الـسـوريـة التـي احتـضـنتـنـي وغـيـري مـن الـهـاربـيـن الـعـراقـيـيـن ، وسـهـلت لـي ظـروف مـغـادرة أراضـيـهـا ومـن مـطـار دمـشـق حـصـرا ً بـجـواز سـفـر ( مـزيـف ) متـجـهـا ً إلـى مـالـيـزيـا مـحـطتـي الأولـى قـبـل أن يـستـقـر بـي الـمـقـام فـي بـلاد الـكـنـاغـر والأفـاعـي ( قـارة أستـرالـيـا الـفـاتـنـة ) هـربـا مـن الـمـوت الـزؤام .
بـعـد يـومـيـن مـن إرسـالـهـا جـاءنـي رد مـقـتـضـب ، مـفـاده : –
أطـلـع الـسـيـد الـرئـيـس شـخـصـيـا ً عـلـى رسـالتـك الـكـريــمـة ، وقـد ثـمـن مـا جـاء بـمـضـمـونـهـا ، وأثـنـى عـلـى حـرصـكـم الـصـادق لبـلـدكـم الـثـانـي سـوريـا أرض كـل الـعـرب والـمـسـلـمـيـن ، وطـلـب أن نـطـمـئـنـكـم أن سـوريـا وجـيـشـهـا الـعـربـي بـألـف خـيـر مـا دام شـعـبـهـا يـرفـل بـالـحـريـة والـكـرامـة والأمـان وبـكـافـة مـكـونـاتـه الـمتـآخـيـة ، ومـا دام الـسـيـد الـرئـيـس ( بـشـار الأسـد ) خـيـر خـلـفـا ً لـخـيـر سـلـف صـمـامـا ً للامـان وقـائـدا ً مـحـنـكـا ً خـبرتـه الـمـلـمـات ، وشـكـرا ً مـرة أخـرى .
عـاودتـنـي هـذه الـذكـريـات مـرارا ً وأنـا أتـابـع الـدمـار الـذي حـل ببـلاد الـشـام الـجـمـيـلـة ، ونـزيـف الـدم الـمـروع ، وعـشـرات الآلاف مـن الـضـحـايـا الـذيـن خـروا صـرعـا ، والـمـئـات الـذيـن يـلـحـقـون بـهـم تـبـاعـا ً فـي كـل يـوم ، وأيـقـنـت أن لا شـيء يـضـاهـي الـسـلـطـة حـتـى ولـو كـان الـثـمـن إبـادة شـعـب بـأكـمـلـه ، وأيـقـنـت أيـضـا ً أن الـشـرق الأوسـط الـجـديـد مـع فـوضـتـه الـخـلاقـة قـادمـيـن لا مـحـال .