ان الشعور بالمسؤولية الوطنية وتحمل اعبائها شئ جميل يعكس مدى رقي الشعوب وتحضرها وادراكها لمعنى الديمقراطية ويدل ايضاً على مدى استقرار الانظمة السياسية وتعطي ايضاً صورة عن ما يفترض ان تكون عليه العلاقة بين المسؤول والمواطن العادي. هذه العلاقة التي يفترض ان تكون على درجة كبيرة من التفاهم والانسجام.
قبل ايام قلائل اتشحت دول وشعوب العالم بالسواد واعلنت اغلب الدول الاوربية الحداد حزناً على فقدان بضعة افراد على ايدي ارهابيين الاسبوع الماضي في العاصمة البلجيكية بروكسل. وقد اثيرت ضجة اعلامية كبيرة على خلفية هذا الاعتداء وتوالت ردود الافعال والمواقف الدولية التي ادانت وبشدة هذه العملية الارهابية. بل ووجدها البعض من المغرضين فرصة للنيل من الاسلام والمسلمين خصوصاً بعدما تبنى تنظيم ” الدولة الاسلامية ” هذه العملية الدموية. وكرد فعل على هذا الخرق الامني غير المسبوق استقال وزراء العدل والداخلية اعترافاً منهم بالتقصير والفشل في الحفاظ على حياة مواطنيهم. وبصرف النظر عن ما خلفته هذه العملية من خسائر فهي في نظر المراقبين رسالة قوية وصريحة موجهه من قبل التنظيمات الارهابية الى الدول الاوربية المحصنة امنياً مغزاها ان هذه التنظيمات تمتلك من الخلايا والاذرع ما يكفي لاستهداف ايه دولة متى ما ارادت ذلك وفي اي مكان في العالم. وهنا اقف لاتسائل … اذا كانت بروكسل التي تضم مقرات الاتحاد الاوربي وحلف شمال الاطلسي تتعرض الى هكذا استهداف وفي اماكن حساسة, فكيف الحال بالعراق الجريح الذي ابتلاه الله بأناس رعاع لا يفقهون سوى الاعيب السرقة والاحتيال والقتل ولا يملكون ادنى شعور بالمسؤولية او حمية على الوطن وابناءه ؟؟؟ نقول هذه الكلمات والالم يعتصر قلوبنا لما نراه ونشهده يومياً من عمليات استهداف ممنهجة لابناء الشعب العراقي الذي يزجون بقوافل الشهداء الواحدة تلو الاخرى على مرأى ومسمع العالم والمجتمع الدولي. قبل يومين كان العراقيون على موعد جديد مع فاجعة جديدة القت بضلالها على الجميع بسبب تداعياتها الخطيرة. كان الضحية هذه المرة مجموعة من الاطفال والشبان بعمر الورود. فقد امست مدينة الحلة على وقع انفجار ارهابي جبان استهدف ملعباً شعبياً لكرة القدم يتجمع فيه الصبية والاطفال هرباً من جحيم الحياة وقساوتها. الحصيلة النهائية كانت 32 شهيداً وعشرات الجرحى والمصابين. هذه العملية القذرة هي ليست الاولى وعلى ما يبدو لن تكون الاخيرة. ماذا عسانا نفعل وقد ابتلانا الله بأصحاب الفكر الضال ورعاة القتل والجريمة. وعلى ذكر هذه الحادثة الاليمة وعلى سبيل المقارنة بينها وبين عملية بروكسل التي لا يفصل بينهما سوى اسبوع واحد, سنرى ان حادثة ملعب الحلة كان وقعها اشد واكثر بشاعة وقسوة, خصوصاً اذا ما تذكرنا سلسلة الهجمات التي تعرضت لها مدينة الحلة العريقة. والامر من ذلك اننا لم نشهد تعاطفاً مماثلاً لما حضيت به مدينة بروكسل وكالعادة لم نلمس اي موقف يذكر من قبل القائمين على حفظ الامن فهم بالطبع في واد آخر وجميعنا يعرف ان المنفذ لهاتين العمليتين هو واحد.
رحم الله تعالى شهداء العراق في كل زمان وحين .. لا نملك سوى التضرع والدعاء لهم بالرحمة والمغفرة وان يجعل مثواهم الجنة خالدين فيها ويمن على اهلهم وذويهم بالصبر والايمان ان شاء الله.