23 ديسمبر، 2024 6:38 ص

سطحية بعض المسلمين في التعامل مع قضية فلسطين

سطحية بعض المسلمين في التعامل مع قضية فلسطين

ترتفع الأصوات المنادية بشرعية القدس عاصمة للديانات الثلاث السماوية، بينما يشذ الصهاينة ليسلبوا الحق الإلهي هذا عن المسلمين والمسيحيين، وينفردون برغبة السيطرة المطلقة على المدينة المقدسة، وينفون حق غيرهم في ذلك، ويريدون أن يحكموا قبضتهم عليها، ويحولون ساكنيها التاريخيين الى مجرد أقليات لاتأثير ولاوجود لها ولا حقوق مواطنة بل أن يتحول كل هولاء الى مقيمين يمكن أن يتم ترحيلهم متى ماشاء مدير بلدية القدس اليهودي.

قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبغض النظر عن دوافعه التي ربما تكون شخصية وسخيفة بإعتباره القدس عاصمة لإسرائيل يعد تحولا كبيرا وخطيرا في معادلة الصراع التاريخي، وسيؤثر على سكان الأرض جميعا لأن الأرض جميعها لاتخلوا من أتباع الديانات الثلاث، وبالتالي قالتنازع والتحريض على الكراهية سيكون أكثر حضورا في الفترة المقبلة، وعلى المديين القريب والبعيد، وسيتحمل الأمريكيون المسؤولية كاملة، وربما دفعوا ثمنا باهظا لعنجهية رئيس مضغوط عليه من بعض الدوائر الصهيونية، وحتى لو كان مرر قراره السيء الصيت بضرورات الأمن القومي، وإعتبار ذلك جزءا من المصلحة العليا للولايات المتحدة، وهو تقدير ومبرر غير واقعي لأن إنعكاسات ذلك على مصالح واشنطن ستكون سلبية للغاية.

تحول الموقف العربي والإسلامي والمسيحي في الأراضي المحتلة، وفي البلدان العربية والإسلامية، وبقية دول العالم الى موقف وحدوي صادم للمشروع الصهيوني الذي يعيش تجربة قاسية، فحتى بوليفيا الدولة الصغيرة قدمت طلبا لمجلس الأمن ليعقد جلسة طارئة لمناقشة القرار البغيض بإعتبارها رئيسا للدورة الحالية للمجلس، وخرجت التظاهرات في بلدان الدنيا كلها منددة ومتوعدة وبجرأة متناهية معلنة الرفض الصريح للإنحياز الأمريكي للصهيونية العالمية، ولتؤسس لمرحلة مختلفة عن بقية مراحل الصراع التي إنقضت، وكلما مر الوقت كلما إتسعت الحفرة التي ستدفن فيها دولة إسرائيل التي تتضاءل أمام إتساع الرفض لها في المحيط العربي والمسلم والمسيحي المجاور.

البعض من المسلمين يعلق على القضية بوصفها أمرا لاقيمة له مع شعور بالإحباط غير عادي بسبب الهيمنة الغربية وإنحطاط الوضع العربي الراهن والإنهزامية التي تسيطر على النفوس ومع كم الحروب والحصارات والثورات التي لاطائل من ورائها، والتي جعلت العرب يتنفسون الفشل والهزيمة واليأس، ولايشعرون بقيمة المستقبل، والرغبة في التغيير والإنتصار على عدو مستهين بنا وبوجودنا، فترى منا من يعلق على تويتر وفيسبوك الذين هما صناعة غربية، إن علينا الإهتمام بشؤوننا الداخلية، وتغيير أوضاعنا السيئة قبل الإلتفات الى فلسطين التي بحسب تعبيرات غير مسؤولة قد بيعت من قبل أهلها، أو أن يقول البعض، إننا يجب أن لاندعم قضية الشعب الفلسطيني لأن هناك إنتحاريين فجروا أنفسهم في العراق، وكانوا أعضاء في داعش والقاعدة، ويتجاهل هولاء إن القاعدة تضم في صفوفها عراقيين ومصريين وسعوديين وتونسيين ووووو وبالتالي فالجغرافيا ثابتة، بينما البشر والديانات والإعتقادات قد تتغير، وتبقى فلسطين قبلة لنا ولهم وللبشرية، ولايحق لأحد التفرد بها.

يقول بعض السطحيين، إن المجاري في حيهم السكني لاتعمل بصورة جيدة، وبدلا من الحديث عن فلسطين عليكم بإصلاح المجاري، ويتجاهل إن ذلك مسؤولية البلدية ومسؤوليته هو، وإن فرقا كبيرا بين خلل تستطيع أن تصلحه بوسيلة ما، وبين مقدس يتعرض الى الإنتهاك والهيمنة والغطرسة من طرف حقود متعصب يريد إقصاء الآخر وتدميره وتعطيل حياته، بل لايعترف به، ومع ذلك فنحن لسنا ضد اليهود، بل نقف بوجه الطمع والجشع وهما صفة للصهيونية المتجبرة وحلفائها الغربيين الذين يركعون على عتباتها.