23 ديسمبر، 2024 6:11 م

سطحية  التفكير في العقول المؤمنة

سطحية  التفكير في العقول المؤمنة

قبل أن نكتب علينا أن نقول إننا لا نعمم ولكننا نخص الأغلبية ومن الحق أن نعتبر إن الحكم الأغلب ( شبه تعميم ) لأننا نقيس على الأكثرية ومن وجهة نظر الفكر الديمقراطي ، حتى في الوصف علينا أن نكون بديمقراطية فكرية كي نستطيع أن نرد على من يفكر أن يرد علينا ونقول له إن وصفنا خاص بالأغلبية وعليه سنكون خارج التعميم المطلق تفاديا لبعض المتملقين الذائبين في الوصف والفكر المثالي الخاوي والخالي من أي ترجمة ملموسة.

هنالك أوصاف وتوصيف للمؤمن منها أنه الإنسان الذى ذاق حلاوة الايمان بالله ودمعت عيناه من كلام الله ، مستحيل يغير دينه لأجل شهوات هو يعلم نهايتها إلى أين تذهب به ، فالمؤمن عيناه بصيرة يعرف من حوله ويعرف الدنيا ومرارتها ولا توجد شهوة تغويه إلا شهوة الإيمان الصادق، لا يقنط من رحمة الله ويعلم تمام العلم إن الله لن يظلم أحدا ، لا يتكبر عن السجود من خشية الله . وهناك رأي آخر يقول  إن المؤمن هو ذلك الإنسان الذي آمن بالرسالة، والقرآن والآيات الالهية من كان مسلما ومؤمن بالكتب الأخرى إن كان غير مسلم ، وهو ( المسلم أو غير المسلم ) بأيمانه هذا يستطيع أن يتغلب على هوى النفس وشهواتها، فقد تمكن من نفسه ، وترفع عن ذاته ، فملك زمامها ، فالذي يوجهه في حركته وسعيه هو العقل، والطاقة التي تسيره هي الارادة ، فالعقل إذن هو مطية المؤمن ، والارادة قوته ، ومـــن ذلك نستنتج إننا بحاجة الى أمرين مهمين هما ؛ الإيمان وهو الأخذ بزمام النفس والسيطرة على شهواتها ، واليقين وهو الانسجام والعيش باستقرار وطمأنينة مع الحقائق والتبصر بها والإنشداد اليها ، والإنسان عندما يخضع نفسه ويسيرها وفق العقل فانه سيصبح مؤمنا ، وبعد هذه المرحلة يتحرك في المسار التكاملي نحو الحقائق الرفيعة ، وحين يقترب منها يكون قد بلغ درجة اليقين .

لحد هذه اللحظة نحن نذكر صفات المؤمن الصادق ولكن هل من يدعي الإيمان يلتزم بما ذكر أعلاه ؟ الشك هنا أصبح يقينا ، واليوم نسلط الضوء على فكرة ( حق الإنسان في الحياة الكريمة ) فالإنسان ليس شرطا أن يكون مسلم أو نصراني أو غيره وهذا يعني أن من وجهة نظر المؤمن المسلم أصبح من كان غير مسلما خارج حدود الجنة وخارج حدود الإنسانية لأنه غير مسلم ، بالمقابل نرى أن عقلية المؤمن من الدين اليهودي تؤمن إن الحياة لا يستحقها إلا من كان تابعا للديانة اليهودية ، ومع النصراني المؤمن نفس الفكرة وغيره من أتباع بوذا وأقصد المؤمنين من أتباع الملحد النبيل ( بوذا ) يؤمنون بنفس الفكرة وهي فكرة ( لا حياة لمن لا ينتمي لنا ) هذه الأفكار السوداوية الحاقدة كلها نجدها في عقول من كانوا مؤمنين ، المؤمنون هم من ينظرون للإنسان خارج الدين أو الطائفة كائنا لا يستحق الحياة ، المؤمنون لا يؤمنون إلا بمن كان منهم ومن كان ليس منهم لا يعدو عن وصفه بالعدو النائم ، المؤمنون لا يفهمون لغة الإنسانية ولغة إن الله قد خلق البوذي والمسلم والملحد والنصراني والهندوسي واليهودي ، المؤمنون لا يؤمنون بالحوار ، الحوار يصيبهم بالغثيان ، الحوار لا يفهمه المؤمن لان هذا الحوار هو وضع النقاط على حروف الإنسانية ، النقاط على حروف الانسانية تسمح بالعيش الكريم لكل الناس وهذا يتعارض مع ما يؤمنون به من ترهات وسرديات سخيفة مفادها ( نحن الاحق بالعيش ) .

هناك من يقول أن المؤمن أفضل من غير المؤمن ، جوابنا نعم هو أفضل بالتأكيد لكل من ينتمي لدينه ولمذهبه ، لكن هو الاكثر حقدا على كل من لا يتوافق معه بالدين والمذهب وهذا يعني أنه ناقص لفكرة الإنسانية وقريب من فكرة الدين والطائفة ، الدين والطائفة هي مجرد جزر متناثرة في محيط الإنسانية ، من ينتمي لهذه الجزيرة أو تلك هو لا ينتمي لبحر الإنسانية ، من ينتمي للإنسانية هو المؤمن الصادق بفكرة إن الله هو الخالق وهو الذي يحاسب هذا وذاك وعليه لا يحق لنا كمؤمنين أن نكره أي مخلوق لان في خلق الإنسان حكمة ربانية غير مفهومة على مستوى العقل الإنساني ، الله يخلق البشر في كل مكان ومن كل دين ونحن من يريد باسم الدين والمذهب أن نتجاوز على ارادة الله فهل نحن مؤمنون ؟ عندما نفكر إن كل من لا ينتمي لديننا أو لمذهبا هو كافر لا يستحق الحياة فهذا يعني إننا تجاوزنا على حدود الخالق ، المؤمنون كلهم تجاوزوا على حدود الخالق بدراية أو غير دراية ،  إذن إنهم مؤمنون ظاهريا كافرون باطنيا ، السؤال المهم هنا: هل يحق لنا أن نقول إن العقول المؤمنة عقول سطحية التفكير ؟ هذا هو السؤال المهم وعلينا أن نفكر قبل أن نجيب وإلا أصبحنا كحال المؤمن السطحي حين يقف مع المؤمن بمجرد أنه من ديننا أو مذهبا …. وهل الله لا يعلم حين خلق الناس باديان مختلفة ومذاهب متنوعة . بأسا لسطحية عقل المؤمن عندما يعتقد أنه على حق وغيره على باطل .

عمان