تأتي القصص الغريبة من الرمادي, لتثير السخرية والرعب والشعور بالإحباط, حيث انسحاب مفاجئ للجيش, فما ارتبط بداعش, لا ينتمي للعقل, بل يقرب من سطور الخرافات, وحكايات الماضي البعيد, وها نحن أمام قصة غاية في الغرابة, أنها قصة سقوط الرمادي, التي ارتسمت بصورة جيش ضعيف.
حديثنا عن غرابة انسحاب قطعات الجيش, من الرمادي, يسبقها تخاذل قوات الشرطة,لتمهد الأرض لدخول داعش, لكن يمكن وصفه بأنه انسحاب متوقع, والبعض يرمز له بالانسحاب التكتيكي, والتي تحصل أحيانا نتيجة الظروف العسكرية والسياسية الآنية, فالقوات العراقية تعاني ضعف شديد في هيكليتها, منذ أعادة بنائها على أسس عوجاء, أن عملية تحرير المدن, أصبحت دوما تتبعها خطوة خاطئة, وهي عملية مسك الأرض من قبل القوات العراقية, والتي كما اشرنا تعاني ضعف, لأسباب متنوعة, لذا تعود الانتكاسات ونخسر الأرض, فما هو الحل كي تدوم السيطرة على الأرض المحررة.
أولا نتكلم عن أسباب ضعف الجيش العراقي, ويمكن حصرها في ثلاث محاور:
المحور الأول: صفقات التسليح الفاشلة, ابرز عنوان لقصة الجيش, بسبب فساد المنظومة الحاكمة, في الفترة السابقة, مما تسبب بولادة جيش ضعيف, الأغرب إن تدعي أمريكا العظمى, أن صرفت على تسليح الجيش العراقي 40 مليار دولار! انه مبلغ يكفي لجعل الجيش العراقي, بمصافي الجيوش العظمى, لكن لا شيء تحقق, لان الأمريكان سرقوا الأموال المخصصة لنا, والجهات الرقابة الأمريكية سكتت عن الموضوع, لان الهدف هو تدمير العراق.
المحور الثاني: هيكلية الجيش: الضعف الحالي في الجيش العراقي يعود لثلاث أسباب: الأول: كثير من قياداته الغير كفاءة, التي جاءت بها المحاصصة البغيضة, والتي سببت شلل اغلب مؤسسات الدولة, ومنها المؤسسة العسكرية. الثاني: بعض القيادات المتعاونة مع داعش, والتي سببت سقوط الموصل, وألان تتجه نحو إهداء الانبار للدواعش. ثالثا: قيادات في الجيش هي بالأصل عصية الهوى, وموالية لبقايا حزب البعث ألان, تعمل على أفساد الجيش, كي يكون سقوطه واقع حال.
المحور الثالث: التخطيط الأمريكي: أمريكا ماضية في مشروع التقسيم, وهي تجتهد كثيرا كي تصل إلى هدفها, واحد وسائلها للوصول إلى أهدافها, هو جعل الجيش العراقي ضعيف, وعملت بأكثر من شق, للوصول لغايتها.
ضعف الجيش العراقي أعطى المبرر للأمريكان, بالتفكير لإعادة انتشارهم في العراق, بحجة دفع خطر الدواعش, هل المخطط الأمريكي هو يرسم الإحداث, أم يسعى للاستفادة من تحولات الإحداث؟
جانب أخر لفرضية عودة الجيش الأمريكي, فمع عودته ستوسع أعداد الدواعش, حيث ستتحول ارض العراق, لمكان جذب لكل المقاتلين, بحجة مقاتلة أمريكا في العراق, مما يعني دخول القوات الأمريكية, ليس للتحرير الأرض من الدواعش, بل لأمر أخر, ألا وهو حلم تقسيم العراق, عندها ستعمل على شق أخر مواز لجذب المقاتلين الأجانب, ألا وهو استقطاب عشائر السنة, عبر دعمهم وتسليحهم, بالإضافة لفتح المجال لعودة قيادات البعث, وصولا لتشكل إقليم السنة المزعوم.
وسط هذه الصورة المتشائمة لواقع جيشنا, الحلول تهرب منا, بسبب تعنت ساستنا, وضياعهم في تنافس محموم حول الحكم والنفوذ, فقط يبقى الحصن الأهم لنا, الحشد الشعبي.
الحل هو فقط كلمتين: الحشد الشعبي, فيجب إن يكون مع الجيش عند عمليات التحرير, ثم يمسك الأرض مع الجيش, وإلا تستمر الانكسارات , فلا يمكن إن ينجح الجيش العراقي, إلا بدور إسناد من قبل الحشد الشعبي, مستمراً بالعمليات وما بعدها.