23 ديسمبر، 2024 4:15 ص

سر الإنسحابِ الروسي بيــــن تخبطِ الإعلام والحقيقة الواضحة

سر الإنسحابِ الروسي بيــــن تخبطِ الإعلام والحقيقة الواضحة

من حقي أن آنسَ وأعيشَ نشوةِ النصرِ عندما أرى كلَّ الإعلامِ وكلَّ أضواءهِ مسلطةٌ على محللينَ عاجزينَ عن فهمِ حبكةٍ من حُبَكِ السياسةِ, وحيارى لفكِ طلسمِ من طلاسمِ مستجداتِ الأحداثِ !!!فمن حقِ المرءِ أن يعيشَ نشوةَ النصرِ حتى ولو مع نفسهِ فقط, عندما يرى الكلَّ دونَ إستثناءِ كيف يتخبطونَ في سرِ إنسحابِ الروسِ, بل يستجدون أي معلومٍ أوليةٍ (hint) من شأنها أن تكون في بدايةِ الحل لمسألةٍ معقدةِ !!!
ومعهم الحقُ حقاً وجزماً …
العالم العربي والغربي تفاجأ من امرِ الرئيس الروسي بالإنسحابِ الفوري لقواتهِ العسكريةِ المقاتلةِ في سوريا, بل كلُّ التصريحاتِ الأميركيةِ جائت بعد الأمرِ بالإنسحابِ, بل أن بعض الطائراتِ الروسيا التي كانتْ في طريقها الى سوريا غيرتْ وجهتها وكرتْ راجعةٌ الى قواعدها فور إعلان الرئيس بوتن أمرَ الإنسحابِ !!!
وهذا إن دلَ على شيءٍ دلَ على سريةِ أمرِ الإنسحابِ حتى على أجهزةِ المخابراتِ الأميركيةِ المتنفذةِ في الحكومةِ الروسيةِ !!!
إذن مع السريةِ فأمرِ وعنصرِ المفاجئة متحققٌ لا محالةِ على العقولِ الغربيةِ والأميركيةِ فضلاً عن العقول العربيةِ التي يسودها الغباءِ المطبقِ !!!
الآن لنعيد قراءةِ الأحداثِ ونبدء بالبحثِ عن الحلقةِ المفقودةِ من إحجيةِ سرِ إنسحابِ الروسِ المباغتِ …الأحداثُ كالتالي :
1- الرئيسُ الروسيِ يأمر بإنسحابِ قواتهِ من على شاشاتِ الإعلامِ مباشرةً, بل ويأمرها بالتحركِ خلالِ أقل من عشرةِ ساعاتٍ من فورِ نشرِ الخبرِ, وبالتالي لم يعطِ بوتن مجالاً للإعلامِ والمخابراتِ بتناقل وتلاقفِ الخبرِ حتى !!!
2- صاحبَ الأمر بإعلانِ الإنسحابِ الروسي من سوريا سبب هذا الإنسحابِ, من حيثُ أن القواتِ الروسيةِ حققتْ أهدافَ تواجدها في سوريا بشكلٍ كاملٍ …
3- الحكومةُ الإيرانيةِ تجري تجربةً لإطلاقِ الصواريخِ البالستيةِ قبلَ أيامِ من أمر الرئيس الروسي بالإنسحابِ الفوري من سوريا, مع تصرحِ الأمم المتحدةِ بعدم تعارضِ تجربةِ إيران الصاروخيةِ مع الإتفاقِ النووي ….
4- إعلانُ وليدِ المعلمِ صراحةً أنَّ الإنتخاباتِ الرئاسيةِ السوريةِ شأنٌ داخلي, وليسَ لدمستورا -المبعوث الأممي- رأيٌ في ذلك ولا غيرهُ أبداً …
الآن السؤالُ المطروحُ هو : ما هي الإنجازاتُ التي جاءت من أجلها القواتِ الروسيا, والتي إنسحبتْ فورَ تحققها ؟؟؟
بعدَ أن بينا في المقالاتِ السابقةِ بأن التدخلَ الروسي في سوريا لم يكن ذا بعدٍ أقتصادي أبداً ولا بعدٍ إخلاقيةٍ إلتزامها مع الأحلافِ والعملاءِ أبداً, وخيرُ مثالِ تسليمها لصدام حسين والقذافي وعبد الله صالح وغيرهم من الحلفاء الى أميركا مقابل الضغوطِ الأمميةِ العالميةِ …
حيثُ يتعينُ علينا القبول والإجبارِ على القبولِ إنها جاءتْ من أجلِ حمايةِ أمنها القومي الروسي, بل من أجل البحث عن متنفسٍ لها في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ, بعدَ أن غُلِقَتْ الأبوابُ كلها بوجهِ الأجواءِ الروسيةِ طيراناً وصواريخاً, بل وصل بها الحالُ أن تمنعها تركيا مؤخراً من حقِ التحليق لأغراضِ الإستكشافِ والإستطلاعِ الجوي ضمنَ معاهدةِ السماءِ المفتوحةِ التي وقعَ عليها الطرفانِ التركي والروسي …
وكلُّ ذالكَ يُرجِحُ أنها جاءتْ مجبرةً لحفظِ وجودها ولإطالةِ بقائها ولو سنواتٍ معدودةٍ من الآن, فالهدفُ من التدخلِ الروسي في سوريا لا يَعْدُ فقط الا تدخلاً من أجل موطئ قدمٍ لها لتخليصها من الحصارِ الجغرافي الخانق لها …
وإذا آمنا بهذهِ الفكرةِ صرنا ملزمينَ على قبولنا بمصداقيةِ تحققِ الهدفِ الروسي في سوريا, ولا حاجةَ لبقائها ساعةً واحدةً بعدَ ذلك، فالغايةُ من الوجود والتواجد الروسي في سوريا قد تحقق قبيلَ محادثاتِ جنيف الأخيرة بوساطةِ ديمستورا ….
وما يؤيدُ هذهِ الفكرةِ من سحبها جزءٍ من قدراتها العسكريةِ مع إحتفاضها بالقواعدِ والموانئ السوريةِ تحتَ سلطتها, حيثُ لم يشملها الأمر بالإنسحابِ على تركها …
وهنا يبقى سؤالٍ واحدٍ محيرٍ جداً وهو :
لماذا أصرتْ القواتِ الروسيا على التحركِ العسكري السريعِ الأخيرِ أبانَ المحادثاتِ السابقةِ, بحيث كانَ الأعنفُ على الإطلاقِ منذُ دخولها أرضَ سوريا ؟!!
فبالتأكيد أن المحادثات تسبقها عملية تفاوضية بين الأقطابِ المتصارعةِ حقيقةً, فالروسُ لم يحصلوا على ما أرادوا من خلالِ قبولهم بالمفاوضاتِ السابقةِ لذا عمدوا على إلغائها عسكرياً وبطريةِ الروسِ نفسها, مما إضطر المجتمع الدولي الراعي للمحادثاتِ بالرضوخِ للمطالبِ الروسية أمام موجاتِ النزوحِ وخرقِ مبادئ حقوقِ الإنسانِ …
ولكن بعد أن ضمنتْ حصتها سورياً فلا بأسَ بإنسحابها المفاجئ للجميعِ ودونَ إستثناءِ …
وبقي سؤالٌ آخرٌ وهو :
لماذا أعلنَ الرئيس الروسي فلادمير بوتن الإنسحابَ بطريقةِ الصدمةِ ؟!!
لماذا لم يُعلنَ الإنسحابَ كسيناريو مقترحٍ في قابلِ الأيامِ, ليقلل صدمةِ وهولِ الخبرِ الجالبِ للنوبةِ القلبيةِ والسكتةِ الدماغيةِ في نفسِ الوقتِ ؟!!
نعم .. الأحلافُ والعملاءُ الروسيون سيصابون بالنوبةِ القلبيةِ لعدمِ تحملهمِ هولَ الخبرِ المفاجئ, والشعورِ بالخوفِ الحقيقي بعدَ إنهيارِ السدَ الذي بناه القيصر الروسي لمنعِ قومي يأجوجَ ومأجوجَ من الإنقضاضِ على التواجدِ الإيراني في المنطقةِ وتركهم عراة أمامَ السيلِ الجارفِ من الجيوشِ العربيةِ والغربيةِ والأميركيةِ ؟!!
وبالمقابل سيصابُ عملاءِ الروسِ من العجم وعرابي مشروعهم بالسكتةِ الدماغيةِ لعدمِ قدرتهمِ إستيعابِ هولَ القضيةِ وعدم القدرةِ على فهمِ أسبابها ومستجدات الأحداثِ التي من أجلها إنسحبَ بوتن من سوريا بعدما قُدِمَتْ لهم على طبقٍ من ذهبٍ ؟!!
أتوقعُ جداً وبالدرجةِ القريبةِ من اليقينِ الرياضي, أن سبب الإنسحابِ وسببِ المباغةِ بهِ لهما أمرانِ مختلفانِ جداً, فأمرُ الأنسحابِ هو التواجدُ الستراتيجي في منطقةِ الشرق الأوسطِ, وأمرُ المباغتةِ هو الصفعةُ لإيرانَ وبشكلٍ علني, بل وبيعها بمزادِ النخاسينَ لأسيادٍ أخرٍ …
وسببُ هذا البيعِ من الراجحِ الغضبِ الروسي من التصرفاتِ الإيرانيةِ الغبيةِ في المنطقةِ وغير المبررةِ, فربما تكون التجربةِ الصاروخيةِ الإيرانيةِ هي السبب في الغضب الروسي منها, حيثُ حاولت إيرانُ تسويقُ نفسها للعالم العربي والغربي أنها غير خاضعةٍ للإرادةِ الروسيةِ, بل وأنها ضمن التحالفَ الروسي لا تحت الدولةِ الروسيةِ, لذا هي بيدها زمامَ نفسها لتفعل ما تشاءَ وما تريد ساعةَ تشاءُ ووقتَ تشاءُ !!!
وهذا ما ولدَ إمتعاضاً روسياً من النفاق السياسي الذي تمارسه طهران بين الواقعِ والإعلام, لذا جاءَ الرد الروسي سريعاً على نظامِ الملالي في إيرانَ, ببيعها في المزادِ العالمي العربي والغربي …
‫#‏الآن_إذا_كانت_المسألةُ_واضحة_تعالوا_معي_الى_مستقبل_المنطقة_بعد_الإنسحاب_الروسي‬ :
قلتُها مراراً وتكراراً أن الوضعَ العراقي لا ينئا عن الأحداثِ ومجرياتها الخارجيةِ أبداً, فمَن أرادَ أن يفهمَ مستقبلَ العراقِ فليفهم ما تأوول إليهِ الأحداثُ في العالم العربي خاصة والعالمِ عامة …
‫#‏وهنا‬ : يجب الربطُ بينَ تحركاتِ مرجعيةِ النجفِ الأشرفِ السيستاني وزعيم ميلشياتِ جيش المهدي من جانبٍ وبينَ ومجرياتِ الأحداثِ في المنطقةِ الإقليميةِ …
فتحركات العراقيةُ بقيادةِ زعيمِ التيارِ الصدري والسيستاني هي جزءٌ لا يتجزء من التحركاتِ الأميركيةِ في المنطقةِ, وهو التحركُ للقضاءِ على إيرانَ بلداً لا تواجداً فقط …
فالمعلوم جداً أن مقتدى الصدر السيستاني لم يتدخلا أبداً في الشأنِ السوري, بل كلٍ منها حرمَ التحركَ صوبَ التدخلِ في الشأن السوريا, ونئيا بنفسيهما عن المجرياتِ السوريا, بالرغم من التوغل الإيراني السافرِ في الملفِ السوري, لكنها لم تستطع أن تؤثرَ على القرارِ المتخذِ من قبلِ هذينِ الزعيمينِ !!!
بل, وإن سِر الدعم الإقليمي لهما وبالخصوص الدعم الإعلامي, كلهُ كاشفٌ عن إنهما باتا جزءاً لا يتجزء من المعادلةِ الإقليميةِ العربيةِ الخليجيةِ السعوديةِ من ناحيةِ والأميركيةِ من الناحيةِ الأخرى !!!
ألا تلاحظون كيف غطتْ الوسائل الإعلاميةِ العربيةِ والعالميةِ وبالغاتِ كافةِ الحراكَ الصدري الأخيرَ, وكأنا هذا الحراكُ لم يولد لهُ مثيل بالساحةِ العراقيةِ بعد إحتلالِ العراقِ من قبل الأميركان عام 2003, بل بدأت القنوات العربيةُ تسوقهُ على كونهُ ربيعاً عربياً من الطرازِ الجديدِ, وهو الربيعُ العربي ضد المد الإيراني وعرابي مشروعهِ في العراقِ …
ومن هنا أقولُ لكم بعد التوكلِ على الله تعالى مجدهُ علا شأنهُ :
إن التحركَ الصدري الأخير هو كتحركِ حمارِ الطاحونةِ الذي يدورُ ولا يعلم لماذا يدور, فالسيناريو المُعدُ للزعيم التيارِ الصدري هو سيناريو إنهيار العراقِ أولاً وإيرانَ ثانياً …
فمن خلالِ إستفزازِ تيارٍ كبيرٍ وواسعٍ جداً كالتيارِ الصدري من خلالِ قتلِ زعيمهِ أو الإعتداءِ عليهِ أو تهديدهِ مباشرةً بالقتلِ أو الإعتقالِ, لهو كفيلٌ لتفجيرِ برميلِ بارودهم في العراقِ وبالتالي التخلصِ من الحصانةِ الإيرانيةِ من خلالِ الجنوبِ الشيعي المستقرِ !!!
وهنا المستفيدُ الوحيدِ من تحريكِ التيارِ الصدري وإضطرابِ الوضعِ العراقي هو صمامُ الأمانِ السيستاني, فمن خلالِ دعمهِ للحراكِ الصدري والعملِ على تقويةِ مشروعهم الإصلاحي سيقربُ الخطينِ ببعضهما الى حدِ الإندماجِ, وبالتالي إستأصالِ شأفت التيارِ الصدري من خلالِ قتلِ أو عزلِ مقتدى الصدر, كفيلٌ بإرجاعِ التيارِ الصدري الى مرجعيةِ السيستاني وبمقبولةٍ كبيرةٍ جداً, بعدَ فشلِ إيران من إستيعابهم وضمهم الى مشروعها التوسعي من خلال الميلشياتِ التابعةِ لها !!!
ومن هنا ستكون الحاضنةُ العربيةُ هي الولي والحميمُ والأصلُ بعدَ الدخلِ والعملِ على إنهيارِ المشروعِ الإيراني في المنطقةِ, بل العملِ على إنهاءِ وجودها من خلالِ إنهاءِ حكمِ الملالي …
خارج النص :,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, لا يحزن الأحبةِ من خلالِ عدم زج المشاريعِ الوطنيةِ وتسليطِ الأضواءِ على أصحابها في الإعلامِ العربي والغربي, لأن الإعلامَ محتاجٌ الى مسوقي وعرابي مشاريعَ, لا إلى مفكرين ووطنين وشرفاء !!!
بل أن الأضواءَ لا تُسلطُ إلا على المرتمينَ بأحضانِ المشروعِ الأميركي بعد أن حملوا ألفَ لقيطٍ ولقيطٍ ولقيطٍ من خلالِ إرتمائهم بأحضانِ المشروعِ الفارسي الإيراني سابقاً …
وإذا كانت الأضواء لا تُسلطُ إلا على هؤلاءِ, فلنا الفخر أن نكونَ من المجهولينَ في الأرضِ والمعروفينَ في السماءِ …
‫#‏ولمجارات_الاعلام_العالمي_والعربي_في_المنطقة‬ :
أن نكثفَ النشرَ والتواجدَ والمداومةِ لنشرِ مشاريعَ الإصلاحِ والصلاحِ الذي قدمها لنا الوطنيون الشرفاء من أبناءِ العراقِ, بل ونؤكد ليلاً ونهاراً على فضحِ هؤلاءِ العملاءِ عواهرِ الأحضانِ والتحذيرِ منهم ومن مشرعهمِ …
لكن ماذا نفعلُ مع ماخطتهُ يدُ الرحمن وجففتهُ رياحُ مشيئتهِ, إلا أن نستعينَ بالصبرِ والصلاةِ وإنتظارِ الفرجِ ….