سرية العقرب قوة لن تقهر تحسم المواقف الصعبة

سرية العقرب قوة لن تقهر تحسم المواقف الصعبة

حين تدرك القيادة الميدانية ان هناك لحظات فارقة في عمر المعركة لا تكسب بالعدد بل بالعدة والنية والارادة فإنها تتجه نحو بناء قوة من نوع خاص لا تنطبق عليها مقاييس التشكيلات التقليدية بل تولد من رحم الضرورة ومن اليقين بان الحسم لا يأتي الا من رجال استثنائيين من هنا ولدت فكرة تأسيس سرية العقرب كوحدة نخبوية ذات طابع خاص قوامها النوع لا الكم بنيت على اسس دقيقة تبدأ من انتقاء العنصر البشري وتنتهي بصقل الروح القتالية على نار التجربة والانضباط والولاء تم اختيار المقاتلين من ضباط ومراتب ممن اثبتت ميادين القتال انهم اصحاب عزم وثبات ويتمتعون بذكاء ميداني حاد وتختلف طبيعتهم عن المألوف في شخصياتهم الاقدامية واستعدادهم الفطري للمواجهة فهذه السرية لم تكن مجرد تشكيل بل كانت مشروع قوة ضاربة محفوظة للمواقف التي تحتاج الى قرار صلب وسيف قاطع بلغ عدد عناصر العقرب مئة وخمسين مقاتلا خضعوا لاعلى مستويات التدريب بدءا من التدريب الفردي الى التعبوي ثم دورات متقدمة في القتال الخاص والاقتحام والحرب غير النظامية لم تدرب هذه القوة لتكون حاضرة دوما في الخطوط الامامية بل لتكون حاضرة عندما تحتاجها الارض لتسترد كرامتها بقوة الحسم ورغم ان العقرب كانت بحجم سرية الا ان تأثيرها الميداني فاق مستوى الفوج وكانت مرجحة لكفة المعركة في اشد مراحلها صعوبة فوجودها في الجبهة كان يعني ان لحظة الحسم قد حانت وان زمام المبادرة اصبح في يد رجال لا يعرفون التراجع ولا التردد لقد خاضت هذه السرية مواجهات مباشرة مع الارهاب في معاقل معقدة وظروف قاسية ومع ذلك حققت اختراقات غيرت قواعد الاشتباك وقلبت موازين السيطرة واثبتت ان الارادة والعقيدة الراسخة تصنع الفرق في مواجهة العدو مهما بلغت قوته

وبعد حين لعبت تلك القوة دورا مهما في حفظ امن بغداد فكانت القيادة تعول عليها كثيرا وعندما كانت تسد المعارك وتتشابك الجبهات كنت ارفض تدخل اي قوة خارجية طالما العقرب تقاتل لكوني على يقين ان الامر محسوم والنتائج معروفة مسبقا هذه التجربة خضتها خلال فترة عملي قائدا للفرقة السادسة واليوم اكتبها في مذكراتي وفاء لرجال لم يهابوا الموت واعادوا الامن والامان لبغداد في سنوات عجاف ومريرة كانت العاصمة تحلم بإنارة طريق عام والارهاب يجوب شوارعها والقتال على اسوار المنطقة الخضراء وكانت العقرب تصطاد الارهابيين كما تصطاد الجرذان بهدوء قاتل وفعالية خاطفة سرية العقرب لم تبن على التدريب فقط بل على الايمان بالمهمة وعلى الثقة المتبادلة بين القائد والمقاتل كان القائد حاضرا بينهم يقاتل معهم يشاركهم الخطر يقرأ وجوههم تحت النار وهذا الحضور لا يمكن تعويضه بخطاب ولا امر عسكري انه ارتباط روحي يصنع جسدا واحدا يتحرك نحو الهدف دون تراجع الميزة الاكبر في العقرب لم تكن فقط في جرأتها ولا في احترافيتها بل في بعدها المعنوي فحين يعرف المقاتل انه مفتاح النصر فانه يستحضر كل ما فيه من شجاعة وايمان ولا يخذل من اختاره ولا ينسى دماء اخوته التي سالت قبله تأسيس قوة كهذه ليس ترفا بل ضرورة استراتيجية في حروب اليوم حيث التهديدات متغيرة والحسم يتطلب وحدات مرنة سريعة تضرب في العمق وتفكك منظومات العدو وهذا ما فعلته العقرب وفي كل مواجهة يبقى المشهد واحد رجال بوجوه مغبرة وصدور مفتوحة للموت وعيون لا ترى الا النصر يخرجون كما دخلوا ثابتين لا يعرفون التعب ولا يشتكون الوجع هذه هي العقرب سرية بوزن فرقة وقوة لا تقهر رجال لا يخذلونك حين تتخلى عنك الخيارات لانهم لم يكونوا يوما خيارا بل كانوا الحسم بعين الوفاء

تحية إجلال واحترام من قائدكم يا رجال العقرب الأوفياء وأنا استذكر تاريخ هذه القوة الوطنية ودورها ببغداد وأثبتم أنكم فعلا رجال العراق والمدافعين عنه بالغالي والنفيس .

يبقى التاريخ بكل صفحاته تنحني امام أمجادكم

كتب ببغداد

٢٩ تموز ٢٠٢٥

أحدث المقالات

أحدث المقالات