23 ديسمبر، 2024 2:12 م

سرقة الأفكار والمشاريع الإصلاحية 

سرقة الأفكار والمشاريع الإصلاحية 

( فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسداً لّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكمْ وَ إِلَهُ مُوسى فَنَسىَ * أَ فَلا يَرَوْنَ أَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَ لا يَمْلِك لهَمْ ضرّا وَ لا نَفْعاً ) ، ( قَالَ فَمَا خَطبُك يَسمِرِى * قَالَ بَصرْت بِمَا لَمْ يَبْصرُوا بِهِ فَقَبَضت قَبْضةً مِّنْ أَثَرِ الرّسولِ فَنَبَذْتُهَا وَ كذَلِك سوّلَت لى نَفْسى * قَالَ فَاذْهَب فَإِنّ لَك فى الْحَيَوةِ أَن تَقُولَ لا مِساس وَ إِنّ لَك مَوْعِداً لّن تخْلَفَهُ وَ انظرْ إِلى إِلَهِك الّذِى ظلْت عَلَيْهِ عَاكِفاً لّنُحَرِّقَنّهُ ثُمّ لَنَنسِفَنّهُ فى الْيَمِّ نَسفاً ) .لو أمعنا النظر بهذه الآيات بعيداً عن اختلاف المفسرين بها مع العلم أننا لا نبغي تفسيرها لكن نرغب في استشفاف بعض الجواهر مما نفهمه منها ، فهي تتحدث عن سرقة للأفكار والمشاريع والثورات والحركات الإصلاحية بما فيها الإلهية من شخصيات محسوبة على نفس الاتجاه أو الحركة أو الدين ، وهذه السرقة رغم وضوحها للبعض كموسى وهارون (عليهما السلام ) لكنها غير واضحة للآخرين لتمكن السامري من خداعهم من خلال أكثر من وسيلة ، ولمكانته في نفوسهم باعتباره من علمائهم ، وبعد غياب موسى ( عليه السلام ) أو سفره فقد استغل السامري هذه الفرصة ليغير المشروع الإصلاحي الإلهي الذي أُرسل به موسى وليصنع لهم عجلاً له خوار ، فالسامري سرق المشروع الإلهي وحرفه وصنع العجل وقال لهم هذا هو ربكم ورب موسى وادعى أنه الخبير بذلك والعارف به فصدقه القوم إلى أن تبين بعد ذلك كذبه وأحرق موسى العجل إله السامري وعاد قوم موسى إلى طريقهم ، والجميل أن عقوبة السامري في الدنيا كانت بحرمانه من الجاه والوجاهة التي يبحث عنها من يسرق مشاريع الآخرين فكانت عزلته عن الناس ونبذهم له هي العقوبة الأقسى . وهذه القصة القرآنية كثيراً ما تتكرر في مجتمعاتنا سواء على الصعيد الفردي أو الجماعي فتجد الكثير ممن يسرق جهود الآخرين وأفكارهم ومشاريعهم وينسبونها لهم من أجل الوجاهة والظهور والتميز ، وإن من أهم الأسباب لذلك هو عدم قدرة هؤلاء على الإبداع في خلق الأفكار ، فهم يشعرون بالنقص من هذه الجهة فلا يوجد لديهم ما يتميزون به عن الآخرين فيلجئون إلى السرقة ، وهذا ما نشاهده كثيراً في مسار حياتنا اليومية في العراق ، فقد تعرضت مشاريع الإصلاح بصورة دائمة إلى السرقة والتشويش والتعتيم على صاحب المشروع الحقيقي ، ومن الأمثلة الواضحة لنا في الوقت الحاضر هو قيام البعض بسرقة المشروع الإصلاحي للمرجع العراقي العربي السيد الصرخي الحسني المتمثل بمشروع خلاص الذي طرحه منذ فترة طويلة إلى الساحة لإنقاذ الشعب العراقي ، فقام البعض ممن يبحثون عن الواجهة الاجتماعية والإعلامية بسرقة مشروع الإصلاح كلاً أو جزءاً وطرحه باسمهم والسعي إلى تطبيقه ، ولكن نسي هؤلاء إن المشروع الإصلاحي هو ليس كلمات تسطر على ورقة تذاع من خلال الفضائيات وليس هو ادعاء فارغ لجلب منفعة شخصية أو دعاية انتخابية وإنما المشروع الإصلاحي قبل كل شيء هو معاناة يعيشها المصلح مع أهلية وقدرة على وضع الحلول الناجعة نتيجة التشخيص الدقيق للأوضاع من خلال الأفق الواسع للرؤية بما يملكه من علم وخبرة إضافة إلى النية الصالحة في السعي لتحقيق الإصلاح رغبة في نيل الرضا الإلهي لإخراج الناس وهم خلق الله من مآسيهم إلى بر الأمان ، وبالتالي فلن يتمكن السراق من تحقيق شيء من سرقاتهم إلا القليل من الواجهة والشهرة التي سرعان ما تبهت وتنتهي لعدم تمكنهم أصلاً من استيعاب المشاريع والأفكار التي يسرقونها . وهذا ما سوف يواجهه كل من حاول أن يخدع الناس ويسرق مشروع الخلاص الذي طرحه المرجع السيد الصرخي ، وسوف يكون حال السارق كحال السامري الفضيحة في الدنيا واعتزال الناس له وخسارته الواجهة التي يبحث عنها .