في خضم تطور التكنولوجيا المالية وانتشار المعاملات الرقمية برزت مؤخرا ظاهرة مقلقة تهدد أمن الموظفين المالي تتمثل في سرقات ممنهجة تتم عبر بطاقاتهم البنكية، وتحديدا بطاقات “الماستر كارد”، من خلال نظام يُعرف باسم “سلفني” .
هذه العمليات لا تتم بأساليب تقليدية كالنصب أو الاحتيال المباشر، بل تأخذ طابعًا غريبا شبه قانوني يعجز كثير من الضحايا عن تتبعه أو استرجاع أموالهم المسروقة.
ما هو نظام “سلفني”؟
نظام “سلفني” هو خدمة مالية تقدمها بعض الشركات أو التطبيقات، تتيح للموظفين الحصول على سلفة فورية قبل موعد نزول الرواتب وتُخصم تلقائيا من حسابهم عند صرف الراتب ، وعلى الرغم من أن الفكرة في ظاهرها تخدم الموظفين فإن استخدامها في بعض الحالات بات غطاء لعمليات استنزاف منظمة لحساباتهم .
كيف تتم السرقات؟
يقول عدد من الموظفين المتضررين إنهم تفاجأوا برسائل تفيد بتحويل مبالغ مالية من حساباتهم عبر “سلفني” دون علمهم أو موافقتهم .
بعضهم لم يسجل في الخدمة أصلا وآخرون أكدوا أنهم استخدموها مرة واحدة فقط، ثم بدأت تظهر خصومات متكررة كل شهر، رغم عدم طلبهم لأي سلفة .
اللافت أن الخصومات تتم غالبا فور نزول الراتب ما يجعل الموظف يكتشف لاحقًا أن حسابه قد نقص منه مبلغ ليس بالقليل دون أن تكون هناك وسيلة واضحة لإيقاف السحب أو حتى للتواصل الفعال مع الجهات المسؤولة عن التطبيق .
ثغرات قانونية وتواطؤ محتمل
تشير بعض التحقيقات الأولية إلى أن هناك تواطؤًا من قبل بعض الموظفين في الجهات التي تصرف الرواتب حيث تُربط بطاقات الماستر الخاصة بالموظفين بنظام “سلفني” دون إذن منهم ، ما يفتح الباب أمام استخدام بياناتهم المالية دون علمهم وفي بعض الحالات تبين أن توقيع الموظف قد تم تزويره أو استخدامه في عقود إلكترونية دون موافقته الصريحة .
كما يلفت مختصون إلى وجود ثغرات قانونية في آلية عمل بعض هذه التطبيقات إذ لا تُلزم بتقديم إشعارات واضحة أو موافقة ثنائية قبل إجراء الخصم، مما يجعل من السهل تنفيذ عمليات سحب دون رقابة.
دعوات للتحقيق ومحاسبة المتورطين
طالب عدد من الحقوقيين والبرلمانيين بفتح تحقيق عاجل في هذه العمليات مؤكدين أن ما يجري يعد انتهاكا صارخا للخصوصية المالية للمواطنين واستغلالًا غير قانوني لثقة الموظف بالمؤسسات البنكية والمالية .
كما دعت جمعيات حماية المستهلك إلى فرض رقابة صارمة على التطبيقات المالية التي تقدم خدمات السلفة وإلزامها بالشفافية الكاملة في التعاقد، ووضع آلية واضحة لإلغاء الاشتراك، وتوفير خدمة عملاء حقيقية للتعامل مع الشكاوى .
نهاية مفتوحة ومطالب بالحذر
في ظل استمرار الشكاوى، يبدو أن ظاهرة “سلفني” ليست إلا واحدة من تجليات الاستغلال الرقمي الحديث، الذي يتسلل إلى الحسابات البنكية بأدوات قانونية المظهر، لكنها تحمل في طياتها الكثير من الغموض والريبة. .
ويبقى الموظف هو الحلقة الأضعف ، ما لم يتحرك المسؤولون بشكل جدي وسريع لحمايته، وفرض معايير عادلة تنظم العلاقة بين التطبيقات المالية والمستخدمين.