23 ديسمبر، 2024 1:01 ص

العجيب في أمرنا أن مفكرينا يساهمون في تعجيزنا وتقنيطنا , فتراهم يبررون واقع الحال على أنه تحصيل حاصل , ومن ذرائعهم العجيبة أن رئيس وزراء بريطانيا (كامبل نيرمان) عقد مؤتمرا سنة (1907) , وقرر كذا وكذا , و(وستن تشرتشل) عقد مؤتمر القاهرة سنة (1921) , وقرر كذا وكذا , وبسبب ما تقدم الأمة تعاني ما تعانيه.
فهل هذا تفكير سليم؟
إن العلاقات الدولية تخضع لشريعة الغاب وإن تبرقعت بما تريد الظهور به , والدول تفكر بمصالحها وتسعى لتأمينها بشتى الوسائل والتفاعلات , وتخوض حروبا شرسة من أجلها , وهكذا تسمعون في الخطابات أن القرارات الصعبة تكون مقرونة بالحفاظ على المصالح الوطنية.
ولا توجد دولة ضعيفة لم تتحول إلى فريسة لدولة قوية , فالقوي يأكل الضعيف , وتلك سنة التفاعلات الدولية , وما تبدلت بل أساليبها تطورت وتعقدت.
ومن غرائب دول الأمة أنها لا تفكر بمصالحها وتدافع عنها وتؤمنها , ولا تتعاون بينها للوصول إلى إتحاد إقتصادي أمني ودفاعي مشترك , للحفاظ على سيادتها وصيانة دولها من العدوان الخارجي , والقول المتداول عبر الأجيال , ومعناه القوم التي تتعاون لا يصيبها الذل , ووصية (المهلب بن أبي صفرة) لأولاده: ” تأبى العصي (الرماح) إذا اجتمعن تكسرا …وإذا افترقن تكسرت آحادا”.
العيب فينا ونلوم الآخرين الذين يفكرون بمصالحهم , فنلقي باللائمة على الدول الإقليمية والعالمية , وننسى أنفسنا وما نفعله لإضعاف دولنا , فالإنسان في دول الأمة , مهضوم مقهور بائس فقير , يئن من الظلم والجور القبيح , ولا ينال حقوقه الإنسانية , ومحكوم بإرادة السمع والطاعة , وعليه أن يعيش في فقر مدقع لتفتح له أبواب جنات النعيم.
مواطن بلا إرادة ولا عزة ولا كرامة , والإعلام بأنواعه موجه ضده لتمرير تطلعات الكراسي الآثمة المصادرة لوجوده , والسارقة لثرواته والعاملة على حرمانه من مقومات العيش الكريم.
والمفكرون مثل “وعاظ السلاطين” , يجتهدون في تمويت الشعب , وتفريغه من شحنات القوة والإقتدار , ويوهمونه بالتبعية والدونية والخضوع لإرادة الآخرين , فيساهمون بتأمين مصالح الطامعين في البلاد والعباد , وكأنهم يتآمرون على الأمة!!
فهل يصح ما يدّعونه , فيحسبون الدنيا ساحة أمن وسلام , ويغضون الطرف عن حقائق واضحة للعيان , كأنهم يبحثون عن دليل لإثبات وجود النهار!!