23 ديسمبر، 2024 4:25 ص

” السختجي وجمعها سختجية كلمة تركية قديمة تعني المحامي والمحامين. ففي بداية القرن العشرين لاحظ العراقيون وخصوصا أهل بغداد وجود موظفين أتراك في الدواوين أو الدوائر الحكومية العثمانية , اذاقوا أهل بغداد الطيبين الأمرّين من جراء تلونهم وكذبهم ونفاقهم , فكانوا يتسمون باللسان الطويل واللين وفعلهم عكس ما يدّعون.
والسختجي هو الشخص المحتال المعتاش على الحيلة والإبتزاز والرشوة والغشاش , ولكن بإسم القانون , والكلام المنمق الجميل ”
والسختجي غشاش يدهن لسانه بالعسل ويجعل أفعاله بطعم السم.
عندما يغيب الدستور القويم والقانون السليم , أسافلها تتوسد أعاليها , وأخيارها تكون بقبضة أشرارها , وتعمّ الفوضى ويفور تنور الويلات الرجيم.
ويكون الكلام بضاعة تجارية ذات ماركات متنوعة , فهو لأغراض التسويق والتخدير والتغفيل , وعندما تحق الحقيقية تكشر عن أنيابها وتبرز مخالبها الكواسر المتقنعة بالكلام.
فالفعل هو الأصل , والدين العمل وليس القول والتظاهر وتأدية الطقوس دون تواصل إيماني وإدراكي مع جوهر الدين.
ومن أخطر ما تواجهه المجتمعات أن يتسختج فيها الذين يدّعون بأنهم يمثلون الدين , فيثيرون عواطف الذين يتبعونهم ويؤهلونهم للقيام بما لا يخطر على بال من الشنائع والمآثم والخطايا والسيئات.
وفي بعض المجتمعات التي وضعت ما تراه دينا فوق الكرسي , أكدت بسلوكها ما يشير إلى العدوان السافر على جوهر الدين , فسفكت الدماء وفسدت وإستحوذت على ممتلكات الآخرين وإنتهكت الحرمات , وتدّعي بأن ما تقوم به دينا , ووفقا للشرع الذي يؤكده دينها , وهو على مقاسات هواها ورغباتها الدنيوية الخائبة.
والعجيب في أمر التسختج أو السختجة أن الإدعاء بدين يساهم في إطلاق نوازع النفس الأمارة بالسوء , ويسوّغ ما تذهب إليه من التطلعات الدونية القاضية بغابية فادحة.
فهل أن السختجية سيتوالدون ويتمترسون في خنادق دين لا يعرفونه فعلا وينادون به قولا؟!!
إن الزمن هو الحكم الذي سيصدر قرارته الحاسمة , فذلك ديدن الدوران , والتحول من شأن إلى شأن!!