23 ديسمبر، 2024 2:57 م

لايستطيع احد وصف الكارثة التي حلت بشعب عراقي صغير كان يعيش في مدينة سنجار منذ آلاف السنين. لست متخصصا في علم الانثروبولوجيا لذا لااعرف بالضبط كيف استطاع اتباع بعض الديانات في العراق والتي لاتتناغم مع مباديء الاسلام, كيف استطاعوا المحافظة على دياناتهم والاستمرار بممارسة طقوسهم رغم كل الجرائم التي تركب بحقهم ,منذ الغزو الاسلامي للعراق في القرن السابع الميلادي وحتى اليوم, لعلهم ,مثلهم كمثل اغلب اتباع ديانات الارض, يعزون ذلك الى قدرة آلهتهم.

داعش عبارة عن وحش قذر سفلي ولد من رحم الاسلام, ولم يشوه الاسلام مثلما يدعي بعض المسلمين انما انتقى هذا الوحش الجانب السيء من الاسلام وترك الجانب الطيب. قد يقول قائل وهل هناك جانب سيء في الاسلام, والجواب هو نعم.

الرجم والتعزير وقتل الاسرى وقطع اليدين والرجلين من خلاف وقتل اطفال ورجال غير المسلمين واستحياء وسبي نسائهم واغتصابها, كل هذه تشريعات اسلامية تبناها خيرة قادة المسلمين من عصر الرسول محمد حتى سقوط بغداد تحت سنابك خيول المغول.

لذا تجد جامعة الازهر ودار الافتاء السعودية وحوزات قم والنجف وغيرها من مراكز صنع القرار الاسلامي, تجد نفسها عاجزة عن ايجاد نص قرآني او حديث نبوي يحرم سبي نساء “المشركين” فسكتت هذه المراكز سكوت الميت عما حصل ويحصل لليزيديين على ايدي وحوش داعش.

لم تشجب دار الافتاء السعودية ولم تعتذر المؤسسة الاسلامية السعودية لما فعلته الحملات الوهابية في القرن التاسع عشر من ابادة لشيعة العراق وتدمير اضرحة أئمتهم, بل لازالت هذه المؤسسة تبارك جهود ذبح الشيعة سرا, وكان سيكون علنا لولا تداعياته السياسية على المنطقة.

تستند المؤسسة الوهابية في عدائها للشيعة الى نصوص قرآنية واحاديث نبوية واقوال وسياسات قادة مسلمين وتراهم مرتدين شقوا صف المسلمين فهم اقلية خالفت اجماع الامة وابتدعت افكارا غريبة على القرآن وسنن النبي.

وتستند حوزة قم وادارة الولي الفقيه الى نصوص قرآنية واحايث “إمامية” في اضطهاد اتباع المذهب السني في ايران. نعم بين الفينة والاخرى يعلن رجل دين مغمور من هذا المذهب او ذاك ان لافرق بين المذهبين, انما لاتعدوهذه المحاولات عن كونها مناورات سياسية او دعوية

لكسب منتمين جدد او محاولات لاستغفال الطرف الآخر, والدليل ان مبادرات التقريب بين المذاهب الأسلامية بدأت قبل اكثر من اربعمثة سنة ومنذ ذلك الحين والفجوة تتسع والعداء يزداد.

خلاصة القول ان على صناع القرار في المؤسسات الدينية الاسلامية, ان أرادوا العيش بوئام مع بعضهم البعض ومع المختلف معهم دينيا, عليهم الإتيان بقراءة جديدة وتفسير عصري سلمي للأسلام يتناغم مع القوانين الوضعية السامية في مجال حريات وحقوق الانسان, كي لايبدو الاسلام عائقا امام التقدم في هذه المجال ومن ثم يضطر الناس الى اختيار أحد الاثنين: الاسلام او الحريات.

قراءة او مقاربة جديدة للاسلام تواكب التقدم وتقبل الآخرين انجع من شن حملات تعليمية او تثقيفية لبضع مئات من الملحدين في الدول العربية, لان تاريخ الاسلام لايدعم جدليات تفند جدليات الملحدين, فتاريخ الاسلام البعيد والقريب مليء بأمثلة للظلم والعنف والقتل والتنكيل ولايحتاج الشخص الى تعليم معقد كي يستحضر هذه الامثلة التي لازال الكثير منها شاخص أمامنا فداعش والنصرة والسلفيون الاخوان المسلمون والولاة الفقهاء وطالبان وبوكو حرام والقاعدة, كلها حركات ارهابية استندت الى قراءات سلفية وتفسيرات متأزمة للاسلام طرأت في ظروف غير طبيعية كردود أفعال ضد سياسات تمييزية ظالمة او اضطهاد او احتلال او طغيان فلاتدعوا تفسيرهم للاسلام يطغي.

*[email protected]