العمليات الامنية التي يقوم بها رجال الحشد الشعبي مع الجيش العراقي والقوى الامنية الاخرى في الانبار هي اختبار حقيقي لقوة وتماسك هذه القوات بمختلف صنوفها ، اذ ان. المعركة في الانبار تختلف تماماً عن تكريت ، لان تكريت ارض لم تكن يوماً ينتمي لها اَهلها ، بل هم مع مصالحهم ومصالح نفوذهم ، ونتذكر جميعاً كيف سقطت صلاح الدين دواس مقاومة تذكر من اَهلها وشيوخ العشائر فيها إبان احتلال العراق عام ٢٠٠٣ ،الامر الذي يجعل معركة الانبار. تكون بهذه القوى والقسوة على الطرفين ، سواء الارهابيون الدواعش او القوات الامنية والحشد الشعبي ، اذ تركز في هذه المدينة اكبر رؤوس القتل البعثي ، وقطع الرؤوس وكبار ماكنة التعذيب والقتل من فدائيي صدام والذي تعلموا ابشع فنون القتل والتعذيب .
داعش يعتمد أعتماد كلي على الانتصار في هذه المعركة ، اذ ان مستقبله مرتبط بنجاح عمليته في الانبار ومنع دخول القوات الامنية الى مركز المدينة ، والتي بالتأكيد ستكون قاصمة للظهر وتفتيت لقواتهم التي من خلال التقاريرالعسكرية انهم فقدوا عنصرالمفاجاة ، وأخذوا يعتمدون على العجلات المفخخة والانتحاريين الامر الذي يطلق رسالة انهم باتوا في وضع صعب لا يمكنه الصمود كثيرا امام الضربات النوعية القاصمة ، ومع هذه الإحداثيات يبقى هناك احتمالات في تغيير الاستراتيجية المقبلة وذلك للاسباب التالية :-
١) في حالة خسارتهم المعركة المصيرية في الانبار ، فانهم سيعمدون الى تغيير الخطة من خلال ايجاد خطة للهروب ليس الى العمق العراقي ، بل التراجع الى الداخل السوري لانهم فقدوا أوراقهم في البلاد .
٢) حالة التخبط التي سادت التنظيم خصوصاً بعد الضربة التي تعرض لها زعيم التنظيم ابي بكرالبغدادي والتي مهدت كثيرا لبروز قيادات منافسة ، كما انها أضعفت القدرة في المتابعة الميدانية لجميع قواطع العمليات ، وجعلت القيادات الميدانية هي المتحكمة بالوضع على الارض .
٣) حالة السخط والاستياء التي إصابت القيادات العربية ، بعد اعتماد البغدادي على القيادات العراقية بدل العربية مما سبب حالة من التشرذم والمنافسة وبالتالي عكس وضعا ضعيفا في داخل التنظيم .
٤) حالات القتل والانتقام التي مارسها التنظيم ضد الأبرياء سواء في الموصل او الانبار ، بسبب رفض السياسات الهمجية التي يتبعها افرادالتنظيم ضد الناس ، كما ان عمليات القتل الجماعي التي مورست ضد ابناء العشائر كانت سبباً في حالة العداء لهذا التنظيم ، وبالتالي فقدان الارض. والحاضنة في تلك المناطق .
نعم ربما داعش سينتقل من مرحلة الهجوم الى الدفاع ، والانسحاب التكتيكي الى خارج البلاد ، ولكن هذا لا يعني ان التنظيم سينتهي ؟!
أعتقد ان الجهات التي صنعت هذا التنظيم لا تريد له ان ينتهي بهذه الصورة ، بل تعمد الى انسحابه الى سوريا ، ومن ثم الى شمال افريقيا ، وليبيا ، وأعاده تنظيمه من جديد ووفق خطط وقيادة موحدة ، ومن ثم الزج به في الحرب القادمة والتي ستكون رحاها أيضاً في بلاد ما بين النهرين ، لان عملية سقوط المدن الثلاث لم تكن بالعملية المقصودة ، بل هي جس نبض للقادم ، والتي ستكون حرباً إقليمية وعالمية بكل المقاييس ، لان الحرب التي تخوضها القوات الامنية لم تكن بالحرب المعتد بها ، بل هي بداية لحلقة جديدة في مسلسل كبير يتغير ابطاله بحسب طبيعة المهام والمتغيرات على الارض ، الامر الذي يجعل كل الاحتمالات مفتوحة ، وهذا ما اكدت عليه المرجعية الدينية العليا في خطبة صلاة الجمعة ،حينما اكدت على ضرورة تدريب من لا يعرف التدريب على السلاح ، والاستعداد لان القادم اسوء ، والذي بالتأكيد سيكون حرباً بكل المقاييس ، ويكون فيها الفصل الأخير من حياة الارهاب العالمي .