23 ديسمبر، 2024 6:07 ص

سبعة عشر عام من العزلة

سبعة عشر عام من العزلة

من يقرأ العنوان يراود في باله رواية الكاتب العالمي ماركيز رواية “مئة عام من العزلة” تجمع قصصا متقطعة وأخرى متواترة، يرويها جيل عن جيل، في لبوس شخصيات موغلة في غرابتها وحدّة طباعها المنغمسة في الخرافة والسحر لكن لايوجد هناك تشابه الا بالعزلة والانعزال بين السبعة عشر ومئة عام .
نحن في بلد عاش سبعة عشر عاما من العزلة ورطمته امواج منها حروب ومنها قتل وتهجير وضياع المال العام وضياع احلام الطفولة التي قتلت على ايدي اناس اجهزوا على العراق من شماله الى اخر نقطة في جنوبه ليس لنا ان نقارن بين الروايات العالمية السردية بل نرثي حالنا من سيء الى اسوأ .
فمنذ دخول الاحتلال الامريكي الى العراق عام 2003 والى يومنا هذا لم نذق طعم الراحة ولكن ليس كنا في وضع افضل في زمن البعث بل الموت والجحيم كان يطارد العراقيين . فلابد من ان نتكلم بايجاز عن سبعة عشر عاما من الدمار والضياع فبدأنا في حرب مع الامريكان وبدأت من هنا فكرة (العزلة والانعزال) نحن علمنا العالم كيف تعزل منطقة عن اخرى وما لبثنا الا ، جائنا تنظيم القاعدة في عام 2006 وشكلت مجاميع افسد واجرم خلق الله وقد عزلت بغداد الى كانتونات ومربعات وصارت حياتنا عبارة عن فر وكر وقد هجر من هجر وقتل من قتل واخذ كل منا نصيبه ولاننا نعيش في بلد قادته همهم الوحيد هو ملئ جيوبهم بالمال فاكيد لا توجد مقومات الحياة ولا العيش الكريم فهدرهم للمال العام كان سبب خراب البلد وتركه يغرق يوم بعد يوم ومن ثم جاءت الفترة التي لاتنسى ولماذا لاتنسى فكل الحقب لديها بصمة واضحة في مقبرة وادي السلام في النجف ، حقبة داعش واستيلاء على ثلث العراق واكيد من يفكر في المال والسرقة ليس لديه اي مسؤولية اتجاه بلده فتركوه بيد الدواعش لكن كالعادة هنا يجب في كل رواية ان يكون بطلا واليوم ابناء العراق من جيش وشرطة وحشد وجميع الشرفاء الشجعان هبوا الى السواتر كي يخرجوا هؤلاء الانذال الدواعش من ارض العراق وكان الثمن هو تقديم خيرة شباب العراق الى مقبرة وادي السلام .
ولان الرواية فيها احداث مفاجأة فجاءت الازمة الاقتصادية في عام 2015 كي يبدأ الاكشن والتشويق والدراما في واقع العراقيين وان يعلنوا الافلاس كي يشدوا الحزم على البطون وان تزيد ثروات السياسيين ويكبر نفوذهم ، لابد ان هناك نهاية لرواية العراق لكن الشخصيات الماكرة التي تسيطر عليه خارقة من سياسي الصدفة ومفكري (نص ردن) فلم يبقى للشعب المسكين الذي ضحى بكل شيء سوى حياته ولم يبخل بذلك فقد انتفض الشعب في 1 /10 /2019 وسقط 700 شهيدا و25 الف جريح ولم ينظر سياسي الصدفة الى الوراء لان السلطة هي المال ولايمكن ان تعطى فقد عملوا كل شي ولم يحاسبوا الى الان ، ولانها سبعة عشر عام من العزلة لابد ان تفوق المئة عام لان احداثها لا تنتهي ، فقد جاء فايروس كورونا واوقف العالم اجمعه وفتك بالبلدان المتطورة ، فكيف ببلد مسكين مثل العراق الذي جارت عليه مصائب الدنيا ان يقف امام اخطر فايروس في العالم ؟
فقد قامت الحكومة بمنع الجميع من الخروج لكن لسان العراقيين يقول (المفلس في القافلة امين ) من هنا كان عدم الالتزام للاسف موجود والسبب الظلم والحرمان ولقمة العيش ولان الحكومة ليس باستطاعتها توفيركمامة او قفازات لايتجاوز سعرهما الـ(1000) دينار .
نحن لا نريد ان يخرج الناس لان الوباء خطير لكن التقصير الحكومي المتعاقب هو من سبب بضعف الاجراءات والان بدأت الاصابات بالالاف والناس خائفة ، ولكن نقول للعراقيين لاتخافوا فان الرواية السردية التي يكتبها عباقرة امريكا الجنوبية لا تستوعب ما يجري عليكم من احداث فهناك الكثير ومن باستطاعته ان يعيش وان يقاوم الاحداث سوف يرى ان ما تطرقنا له الا رواية لا تنتهي وهذه الـ سبعة عشر عاما من العزلة والانعزال الى القليل ولا يحلها الى الله سبحانه وتعالى وان يخلصنا من كل من اجثم على صدور العراقيين واعاث بهم وباموالهم فسادا .