مسلسل سامكو الذي نال شهرة كبيرة لكثرة متابعيه الذين ينتظرون عرض حلقاته بفارغ الصبر مما يدل على عجاب الجمهور وحرصهم على معرفة تفاصيل قصته التي اصبحت حديث الشارع كونها قصة حقيقية ليست من الخيال ، وهذا مؤشر واضح على نجاح وتميز هذا العمل الفني ، وما يميزه اته لم يهمل زاوية سواء كانت سياسية او اقتصادية او امنية او ثقافية وابرزها العلاقات الاجتماعية بل لم يخلو من القصص العراقية الغرامية ، واروع ما في المسلسل انه يحكي واقع حقبة زمنية سوداء عاشها العراقيون .
هذا العمل كشف للناس حقيقة شخصية اشتهرت في فترة زمنية سجلت بصمة واضحة وشغلت الناس بماهية عملها ولمن تعمل وما هي حقيقتها وهل كان سامكو نصابا ام انه شخصية وهمية ام انها كانت لعبة من لعبات النظام ، وقد كشف المسلسل حقيقة سامكو الانسان البسيط الذي يعاني من الظروف المعيشية الصعبة يريد ان يعيش وقد قبض الاموال لكي يبدأ بمشروع ويعطي الارباح وما دفعه لذلك حالته المعيشية ، وقد تورط في قبض اموال الناس التي كان يقبضها فكثرت الاموال بتكاثر اصحاب الاموال الذين طمعوا بالارباح ، ولم يأكل حق احد بل ان الناس كانت تاتيه بالاموال ويقبضون ارباح والحقيقة انها نقود يداورها ليس الا فكان عمله ياخذ من هذا ويعطي لذاك ، لكن طمع الناس بالارباح جعلهم يتمسكون بسامكو ، وكانت نهايته وبسبب حب الفقراء له وعلو نجمه ، سببا لقيام الحكومة بالاستيلاء على الاموال بدون وجه حق وحكمت عليه بالسجن بعد التعذيب بالرغم من عدم وجود اي مشتكي عليه .
ان هذا العمل الفني ترجم معاناة شعب بسبب سياسات النظام الاهوج التي دمرت اقتصاد البلد وصل الحال ان الناس يبيعون ممتلكاتهم المنزلية من اجل لقمة العيش ، وكشف تفشي الجريمة لدرجة من يرتدي الملبس الجيد يتعرض للتسليب ناهيك عن سرقة السيارات والمحلات ، وكما انه اظهر الصورة الطيبة للناس وامانتهم وتكافلهم ، كما كشف طمع البعض فعندما يقبض يحب المسبب وعندما يسقط يلوم من كان سبب غناه وتعطي درسا لو ان الناس تساعدوا فيما بينهم لما جاع احد ، وقد نقل الصورة الجميلة للمجتمع وموقفه من النظام وكيف كانوا ينبذون من يوالي النظام لدرجة انهم يجعلونه يعيش الغربة ، ولم يهمل طيبة الجيران ومحبتهم لبعضهم ، وطبعا ان المسلسل لا يخلو من قصص غرامية مثل قصة حب الطبيب ابراهيم لزميلته استبرق ، وقصة سالم مع خولة ، كما ان مسلسل سامكو تطرق من للجانب الثقافي فهو يحكي حال المثقف العراقي الذي عانى ورغم معاناته المعيشية لم يبيع قلمه بل بقي متمسكا بمبدأه ، وايضا يكشف بان هناك من من سقط وباع ضميره قبل قلمه ليصبح بوقا يمدح النظام البائد ويدافع عنه من اجل مصلحته الشخصية .
والاهم في هذا المسلسل قد وضح للجميع تعامل الاجهزة القمعية حزب البعث والاجهزة الامنية مع المتهمين رغم برائتهم فهي لاتسمح للانسان بالدفاع عن نفسه ولو بكلمة واحدة لانها لا تعرف سوى التعذيب بالضرب المبرح والرش بالماء وجلدهم والحرق بالتيزاب وغيرها ، وقد كشف المسلسل حقيقة استهتار الرفاق في حزب البعث وضباط الاجهزة الامنية الذين كانوا يحسبون على الناس انفاسهم وكيف يبثون الرعب بقلوب العراقيين ، وكيف كانت نهاية الحزبيين ورجال الامن الظالمين .
لقد نال مسلسل سامكو اعجاب الجماهير كونه عمل فني متكامل وهذا يعني ان الدراما العراقية طفرت طفرة نوعية نحو الافضل ، ونعتقد ان هذا النجاح يعود بالدرجة الاولى لمؤلف قصة سامكو الكاتب ضياء سالم ، ولو لا الكاتب لما عرف الناس حقيقة قصة سامكو التي ظهرت من خلال سيناريو واخراج على اتم وجه ليفرضان على الجمهور الاشادة بحرارة لابداعهم في جعل المسلسل رغم تشعبه مترابط بصورة جميلة وهادفة ووضع الفنان المناسب في المكان المناسب ، فابدع الفنانين الذين ادوا الادوار بدرجة عالية فقد تقصموا الشخصيات بامتياز ، وهذا يعني ان الدراما العراقية تستحق الاشادة والتقدير .