من عجائب زماننا أن سامراء تتحوّل شوارعها إلى أنهار , وهي المدينة التي كانت عاصمة للدولة العباسية , وأختيرت لكونها مرتفعة وعصية على الفيضان.
فماذا جرى لها؟
التغيرات الجغرافية التي حصلت فيها دون دراسات علمية وتقديرات هندسية واعية , تسببت بما آلت إليه من عدم قدرة على إستيعاب مياه الأمطار والأنهار.
السدة الترابية لعبت دورها , وكذلك إلغاء وادي كهف القاطول , الذي كانت مياه المدينة الزائدة تذهب إليه , وبسبب هذه التحولات إرتفع منسوب مياهها الجوفية , وإنحسرت قدرات تربتها على إستيعاب المياه , وعدم إنسيابها في وادي كهف القاطول , وذهابها إلى نهر دجلة الذي يدفعها بجريانه.
المدينة توسعت , وتخلو من منظومة مجاري وتصريف مياه معاصرة , مما ترتب عليه تحول شوارعها وساحاتها إلى غدران , وفقدت قابليتها على إستيعاب الأمطار.
تردني صور للمدينة بشوارعها المترعة بالماء وكأنها أنهار , ويتعذر السير بطرقاتها والسياقة فيها , لإرتفاع منسوب المياه وتسربها إلى البيوت.
وكأن المدينة ما عرفت الأمطار من قبل , ولا أمضت آلاف السنين مكينة عصية على الغرق والفيضان , فهي مرتفعة وذات جرف صخري , وكينونة عالية , تأبى أن تغمرها المياه.
ولا يوجد في تأريخها الطويل ما يشير إلى أنها تعرضت للسيول أو طفحت بالماء.
ما يحصل فيها سيؤثر على معالمها الأثرية وسيتسبب بتداعيات عمرانية خطيرة.
ويبدو أن الإهمال والأخطاء الهندسية المتراكمة قد أسهمت في تحويلها إلى ضحية سهلة للأمطار والفيضانات , بعد أن عاشت منيعة تتحدى السيول والأمطار , وتستوعبها وتدفع بها إلى نهر دجلة الجاري بعنفوان.
فهل ستُنقذ المدينة من صولات المياه؟!!