22 نوفمبر، 2024 2:55 ص
Search
Close this search box.

سامراء والرعاية الصحية!!

سامراء والرعاية الصحية!!

الرعاية الصحية من شروط الحياة المعاصرة , ومن ضرورات السعادة والراحة النفسية , وهي حق طبيعي وفقا للائحة حقوق الإنسان , وسأتناول الموضوع كما لاحظت وعايشت ووعيت في مدينة سامراء , وهي من المدن المهمة في تأريخ الإنسانية , وفيها مبتدءات الإنطلاقات الواعية الهادفة لصناعة الحياة المنظمة , وفقا لرؤى وأفكار ذات قدرات توالدية وطاقات تطورية أسهمت بإضافات نوعية فائقة التأثير والسطوع في أرجاء المسيرة البشرية , فالمدينة سبَاقة الخطوات ومبدعة الآليات الكفيلة ببناء الحضارات الأولى في التأريخ.
ففي بدايات ثمانينيات القرن العشرين عملت طبيبا في المستشفى , وأثناء ذلك تم تأسيس وإفتتاح المركز الوقائي الذي شاركت بإدارته لفترة , وقدمنا من خلاله خدمات الرعاية الصحية الأولية للمدينة وما يحيطها من نواحي وقرى , وفي حينها كانت مستشفى سامراء التي تتسع لمئة سرير , تقدم خدمات ذات قيمة وفيها كادر طبي متنوع وبأعداد كافية , ففي المركز الوقائي لوحده كان يعمل إثنا عشر طبيبا وطبيبة في إختصاصات (الجلدية , العيون , النسائية , الأطفال , الطب العام , الأسنان) , إضافة إلى طاقم يقوم بدور التثقيف ونشر الوعي الصحي بين المواطنين.
ومدينة سامراء فيها مستشفى منذ بداية القرن العشرين , هي مستشفى سامراء الجمهوري , التي كانت قائمة مقابل مدرسة سامراء الأولى , وقد تم هدمها في سبعينيات القرن العشرين وبناء مستشفى سامراء العام في موقعها الحالي , وهي محاطة بعدد من الدور لسكن الأطباء وذوي المهن الصحية من خارج المدينة.
ومستشفى سامراء الجمهوري لا أعرف تأريخ بنائها , لكن هناك من يقول شيّدتها الدولة العراقية عند تأسيس المملكة , ومنهم من يقول أنها بُنيت من قبل الألمان مثلما بُنيت محطة السكة الحديدية فيها , ولا تأكيد لدي لهذه المعلومات.
وكانت المستشفى بسعة خمسين سرير تقريبا وذات طابق واحد , لكن طرازها المعماري قريب من طراز بناء مدرسة سامراء الأولى , وكان الشارع بينهما يعج بالناس وبالسيارات والنشاطات الأخرى.
ومستشفى سامراء العام ذات طابق واحد أيضا , والغريب أنها تراجعت سنينا إلى الوراء , برغم أن الكثافة السكانية تضاعفت لمرات , لكن المستشفى تدهورت وتخربت , وتناقصت كوادرها , وهي غير قادرة على تلبية حاجات الناس في مدينة تحتاج لمستشفى جديدة ذات مواصفات معاصرة وتخصصات متنوعة لا تقل سعتها عن أربعمئة سرير , إضافة لردهات للطوارئ والعلاجات المستعجلة وغيرها من آليات تقديم الخدمات الصحية الحديثة.
مدينة بثقل سكاني يفوق المليون بما حولها من النواحي والقرى , لا تزال بمستشفى لا يتجاوز المئة سرير وبكوادر لا تفي بحاجة الناس , ولم يتحقق تطوير أو تقدم في الخدمات الصحية بل أن المركز الوقائي فيها قد صار خرابا ومعسكرا للفئات المسلحة!!
وهذا يعني أن هناك إهمال واضح وعدم إهتمام بحاجات المواطنين في المدينة , مما يستدعي إجراءات فورية وحاسمة للنهوض بالخدمات الصحية في مدينة سامراء , والإرتقاء بها إلى ما هو معاصر ومتواكب مع معطيات التقدم العلمي وآليات تقديم الخدمات الصحية للناس في العالم.
وأعود وأوكد على أن المدينة بحاجة لمستشفى جديدة تليق بها وبأهلها الكرام , ولا يجوز السكوت على هذه الحالة , التي لا تتوافق مع أبسط المعايير والشروط اللازمة للرعاية الصحية المتقدمة.
وقد كتبت عن هذا الموضوع قبل سنوات , وقالوا بأن هناك مستشفى (ألماني) قيد الإنشاء , ولا أدري لماذا يُسمى ألماني , لكن المدينة لا تزال تعاني من قصور كبير في الخدمات الصحية , وما بُنيت فيها مستشفى إلا ربما في الأحلام!!
أرجو من المسؤولين النظر للموضوع بجدية وشعور بالمسؤولية الوطنية , فالرعاية الصحية من أولويات الحقوق الإنسانية في المجتمعات , لكي تنطلق بصحة وعافية نحو مستقبل زاهر وجميل.
فهل من مستشفى معاصرة تليق بسامراء؟!!

أحدث المقالات