22 ديسمبر، 2024 5:06 م

سامراء والجامع الملوية!!

سامراء والجامع الملوية!!

سامراء والجامع الملوية!!*
” أي شيئ ألهاكَ عن سرّ مَن راء وظلٍّ للعيش فيها ظليلِ”
الجامع بنيَ للفترة (234 -237) هجرية , في زمن المتوكل , ولا توجد قصيدة للبحتري تمعن بوصفه , أو ذكر للملوية في قصائده , وهذه من الغرائب التي يصعب تفسيرها.
الجامع الملوية هندسه وأشرف على بنائه , المعماري الكلداني النسطوري (دليل بن يعقوب) , وإختصر الوظيفية والرمزية والجمالية ببنائه الخالد , ويُقال كان من المقربين للخليفة المتوكل , وبنى له العديد من القصور.
وهذا الصرح المعماري المتميز لم يدم طويلا , فبعد مقتل المتوكل إمتدت إليه يد الخراب والدمار , فالظاهر أن خلفاء بني العباس لاحقهم يمحق ما شيّده سابقهم , ومن الملاحظ أن المنتصر بالله (247 – 248) بعد قتله لأبية , حاول أن يقضي على آثاره إبتداءً بالقصر الجعفري المنيف , وربما يكون له دور في تخريب الجامع الملوية , ذلك الجامع الأكبر في زمانه , والأجمل في عمرانه.
ولا يمكن إستحضار أي سبب مقنع عن خراب الجامع , ففي إسبانيا جوامع أقدم منه ومبنية بالطابوق ولاتزال على تمام حالها منذ أن شيدها العرب.
فالجامع الملوية عبثت به أيادي محلية وتناهبته وعاثت خرابا , وسرقت ما فيه من أثاث ومفروشات وغيرها من التحف والتلائد.
فالجامع الملوية خرّبه المسلمون , وكذلك جامع أبي دلف الذي يقع شماله بحولي 15 كم.
وقد وصف إبن المعتز بقصائده خراب سامراء بعد إنتقال العاصمة منها , مما يشير إلى أن أهل المدينة وما حولها , هم الذين هدموها وشيدوا بيوتهم من أحجارها , ربما إنتقاما من الأتراك الذين تسيدوا في ربوعها.
فكيف بربك يتحول الجامع الأكبر إلى ركام , وما عادت تقام به الصلاة , وكأنه كان يمثل فترة حكم عليها أن تندثر.
جامعان من أبهر جوامع الدنيا في زمانهما , يتحولان إلى أنقاض , وما بقيت منهما إلا منارتيهما , فهل يعقل ما جرى لهما؟
سيتهمون هولاكو وجيوشه , وهذه فرية لا رصيد لها من الواقع , فهو الذي دخل بغداد في (656) هجرية, وسامراء إنتهت كعاصمة وعمّها الخراب بعد (279) هجرية مباشرة , وفقا لما جاء في قصائد إبن المعتز المولود والمترعرع فيها.
*هذه قراءة نفسية سلوكية للتأريخ قد تقبل الخطأ والصواب.
د-صادق السامرائي