18 ديسمبر، 2024 11:51 م

ساعتان .. مع وزير الداخلية

ساعتان .. مع وزير الداخلية

بعد أن طلّقت أغلب السياسيين (كبارهم وصغارهم) وفقدي الثقة بأغلبهم، لأن واقع الحال، بات لا يسرّ حبيباً ولا حتى عدوّاً وإتخاذي قرار الإنزواء والمتابعة من بعيد ومتابعة ما يجري في البلاد بحذر، كوني لا أستطيع بعداً بالكامل عن خلجات وطنٍ تريد البوح بأشياء كثيرةٍ ولكن لمن ومن هو الذي يفهمها!..

يقولون من الألم يخرج الإبداع والأمل.. وهو ما رأيته يتجسّد لي، حين كنت أتابع رجلاً عرفت عنه الكثير من المزايا التي نحتاجها كعراقيين، لبناء دولةٍ حقيقية تاخذ على عاتقها النهوض بواقع كل شيءٍ، لأننا تعبنا ممن يقولون ولا يفعلون وهو ما كاد يفقدنا الثقة بالجميع ومن دون إستثناء..

لفت الإنتباه من دون جعجةٍ أو تجييش من يحكي عن عمله، كسب الإحترام، لأنّه لا يفرّق بين هذا وذاك إلا بالعمل، يطوف الأحياء والمحافظات، تارة تجده في البصرة وأخرى في نينوى أو إقليم كردستان العراق، نجف، كربلاء، سماوة، ناصرية، أنبار، كوت، موصل، بابل، صلاح الدين، ديوانية، ديالى، بغداد، كركوك.. كلها محافظات عراقية أشعرها أنّه يعمل من أجل خدمتها والمساهمة ببناء إنسانها وتأهيله، لكي يحترم القانون ولا يخافه، أحدث نقلة نوعية في التعامل الحسن المبني اليوم بين رجالات وزارته (الداخلية) بكل عناوينها مع المواطن الذي أحسّ بالفرق الواضح بين ما كان وما أصبح عليه الوضع العام اليوم.. تحرك وزار دولاً لم يتطيّر من هذه أو غيرها، كونه يبغي تأمين الأمن وإشعار العراقيون بالأمان الغائب عنّا من سنين..

نزع ثوب ألـ(معارضة) برغبته وإرتدى زي رجل الدولة المحب للبناء والعطاء بدون متاجرة، كما نسمع ونرى اليوم من آخرين أوجعوا رؤوسنا بحكاياتهم و(حكاويهم) عن أمجادٍ (زائفةٍ) سوّقوها، ليتكسّبوا وليتهم علموا أن المعارض حال إنتهاء فترة معارضته وتحقيق ما كان يطمح به، يلزم بدخول ميادين العمل ليجسّد أفكاره التي كان يعارض من يحكمون بسببها!..

فقط عند السيد قاسم الأعرجي وجدنا ذلك، هو لم يعد يفاخر بكونه (كان وكان) وقارع نظام البعث وحمل السلاح وقاتل مع المقاتلين يوم كانوا يؤسسون لخلاص البلد، شعر أن تلك الأيام شيء وما نعيشه اليوم شيئاً مغايراً يحتاج عملاً حقيقياً وتضحيات أكبر وليس مكاسب (أكثر) فنجح هو بفترةٍ وجيزة وفشل غيره ، لأن الأعرجي الذي يفخر بأنّه من تلاميذ الحاج هادي العامري، يؤكّد سيره على نهجه بخطواتٍ ثابتةٍ، أطّرها بحسن الخلق والتعامل الحسن وإنصاف المظلوم بقلبٍ عطوف وتشديد التعامل مع الإرهابيين ومن أي فئة كانوا، يتعامل بالقانون ويطبّقه بشدّة على المجرمين واللصوص من العابثين بأمن المواطن.. هو رؤوف مع الفقراء والمحتاجين، يطبّق قوة القانون بكل معانيها مع الخارقين له بتعمّدٍ ويلجأ إلى روح القانون حين يعلم بحسن النوايا..

الم أقل إنّه إنسان نحتاج إليه، ويكفي ما أحدثه من حالة بناءٍ واضحة المعالم بانت تفاصيلها على أقسام وزارة الداخلية، رغم المعوّقات الكثيرة التي يجدها بطريقه..

واهم من يعتقد أن الرجل يمسك بكل شيءٍ يخص الأمن في العاصمة الحبيبة بغداد، لأن هناك أماكن كثيرة ليست من إختصاص الوزارة وتتبع جهات عليا أخرى.. لم يتشكّى أو يتململ، وإنما راح يعمل بجهدٍ مضاعفٍ وخصوصاً لمعشوقته دار السلام التي أعاد لها شيئاً من إسمها ومكانتها، وهو ما نعترف به جميعاً اليوم.. أتعلمون أنّه يحمل هموم بغداد في قلبه ويريدها أفضل مما هي عليه الآن، ومع إنشغاله بالأمن والمحافظة عليه، وجدناه يهتم بالملف الخدمي في بغداد والمحافظات التي كان يطلق عليها بالساخنة والتي حررت بسواعد قوّاتنا الأمنية ومن بينها أبطال الداخلية الذين أثبتوا عراقيتهم، من خلال تعاملهم الحسن وإلتفاف أبناء المناطق المحررة حولهم في سابقةٍ لم تحدث إلا بعصر هذا الرجل الذي أزال الحواجز التي تشكّلت بفعل سياسات العمل الخاظئة ووجّه بزراعة الثقة التي نمت بفترة وجيزة ووقتٍ قياسيٍ لم يتوقّعه أشد المتفائلين..

هذا هو النجاح الذي يجب أن يؤسس عليه، لا أن يأتينا من لا يرغب بمواصلة ذات النهج الذي أثبت نجاعته وحقق ما عجزت عنه (فيالق) وقامات، لأنّها لم تجد رموز الشفرة التي أحدثت تكوينها أحداث وأمور رحنا نتخلّص منها اليوم..

ساعتان ونصف قضيتها مع الرجل الذي جالسته لأوّل مرةٍ وعبر أسوار فكره المتقد ثقافةً ومتابعةً وميدانية بالعمل، لا تحدّها مكاتب (وثيرة).. هو رجل ميدان يعتمد الواقعية والمعايشة وليس التقارير التي تكتب وتقدّم له فقط.. يريد الإشراف على كل شيء، ليس طمعاً بالسيطرة على من هم تحت إمرته، وإنما إشعارهم بأنّه معهم لحظة بلحظة.. كسب ثقتهم فأحبّوه وأعانوه، لأنّهم وجدوا فيه العارف بأمور العمل..

هاتفه لا يتوقّف عن الرنين.. يستمع لمواطن محتاج لمساعدته، وآخر يريد مقابلته.. لا توجد حواجز، فكل الطرق مفتوحة للوصول إليه ومن دون أي عقبات أو معوّقات.. صنع لإسمه مكانةً ومن فكره معيناً لتلقي وتقبّل كل شيء..

لا يؤمن بمحاكمة الآخرين بجرائم أقاربهم أو تاريخهم، وإنما يقرّ بسياسة لكل إمرءٍ ما نوى وما فعل.. لم يعد مهتماً بأن هذا يتبع الحزب الفلاني أو ذاك حسب على نظام المقبور (هدّام).. هو يتطلع إلى نسيان الماضي والعمل على تحقيق ذلك، لأن (15) عاماً، فترة كافية لإعادة ترتيب الأوراق العراقية ولمّها، وكفاناً شتاتاً وفرقة.. بات شعاره كلنا عراقيون، إلا من تلطّخت أياديهم بدماء الأبرياء، فهؤلاء هناك قانون يعاقبهم وما عداهم فالكل ننظر إليه بذات العين التي نرى بها الآخرون..

لم يعد يحمل بقلبه شيئاً عن شخوص عادوا لخدمة الوطن أو سواهم ممن يستطيعون العمل حبّاً بعراقيتهم، تعامل معهم على أساس أنّهم عراقيون وبعقلية رجل الدولة وليس الحزب أو الطائفة وهو ما نأمل أن نشاهده عند غيره..

الديوان الذي يتوسّط كتبه، هو من أفرحني كثيراً، لأنّ من يقرأ للشاعر الكبير مظفّر النوّاب ويغوص في كلماته وحنينها، يمكن له أن يبني ويساهم بإعلاء شأن وطن.. واضح أنّه قارئ متذوّق، يفكر ويناقش، لا يرد عليك إلا بعد أن ينتقي المفردة الملائمة التي تكشف لك، مدى ما حصّن نفسه بالعلم والثقافة..

لا أقول أبهرني الرجل بما رأيته فيه، وإنما أفرحني إلى حدٍ دفعني لأعاود متابعة أهل السياسة والحكومة اللتين أنجبتا لنا هذا الرجل الذي إن أحببنا تطوير وزارته أكثر،

قاسم الأعرجي الذي نجح بإعلاء صوت وكلمة الحق حين كان في البرلمان، تألق اليوم وهو يدير أهم وزارة سيادية بروحية متجددة أساسها العلمية والمهنية التي إبتعدت عن المحاصصة والطائفية المقيتة..

تحية لرجل الميدان الذي قارع الإرهاب في الميدان وليس خلف الطاولات أو ممن إعتمد نهج (صوّرني) وأنا دا أقاتل (خاتل).. وشتان بين الثرى من إمعات الزمن الأغبر الذي أبتلينا بهم والثريا الأعرجي التي أنارت الدرب لرجال الداخلية الذين يحمون كل العراق.. شرقه وغربه، شماله وجنوبه.. طوبى لمن رشّحك وطوبى لمن إختارك وإستوزرك ومن سيجدد لك.. ومن الله التوفيق..