22 ديسمبر، 2024 11:39 م

كثرت الى حد كبير التحليلات العسكرية والسياسية بخصوص التصعيد الإعلامي للمسئولين بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية إيران الإسلامية والتي تبدو وكأن الحرب واقعة لا محال وبانتظار ساعة الصفر والتي تصدر من أعلى القيادات في الجانبين كما يراها من يهتم بأمر الأوضاع في منطقتنا التي تفوق في أهميتها أي بقعة من بقاع الأرض الأخرى لأسباب كثيرة أهمها ما تحتويه أرضها على خيرات تعتبر في اقل وصف لها أنها مركز لتمويل العالم بنسبة كبيرة من حاجته من المعادن على مختلف أنواعها ولا نهمل أهميتها كحلقة وصل بين شرق العالم وغربه إضافة الى عوامل أخرى غير الأهمية القصوى لوجود دولة إسرائيل فيها وما تعني هذه الدولة المدللة عالميا لأقوى الدول وليس من المهم الآن الخوض في هذا الموضوع والابتعاد عن موضوع بحثنا .

لقد وردت تصريحات القادة الأمريكان لتوحي للمتتبع إن المنطقة لا تنتظر سوى أمر ترامب في توجيه ضربة كما قال جون بولتن مستشار الأمن القومي الأمريكي اقل ما يقال عنها إنها بدون رحمة في حال أي خطا أو سوء تقدير من إيران أو من وكلاءها في المنطقة باتجاه المصالح والقوات الأمريكية بينما فرض تراب عقوبات جديدة على إيران بعد تلويحها بتقليل التزامها ببنود الاتفاق النووي وكأنه يوجه رسالة تحذير لباقي دول العالم من مغبة السماح بوصول صادرات المعادن الإيرانية الى موانئها بينما فرض عقوبات على صناعة الصلب والمعادن الإيرانية وفي نفس الوقت ألغى وزير خارجية أمريكا زيارته المقررة الى ألمانيا وذهب الى بغداد لأمر مهم كما قالت الناطقة بلسان وزارة الخارجية الأمريكية هو تحديد موقف الحكومة العراقية بوضوح وغير قابل للمماطلة أما مع وأما ضد ومن يقف ضد أمريكا فهو الخاسر وان أمريكا جادة جدا في الموضوع الإيراني وإنها لا تمزح ولا تلعب ناهيك عن كثير من التصريحات الأخرى لزعماء أمريكا وما يقابلها من تصريحات لزعماء إيران بمختلف المستويات العسكرية والمدنية كإغلاق مضيق هرمز بوجه الملاحة العالمية وخصوصا النفط الذي يشكل عصب الحياة للاقتصاد العالمي.

في يوم الأحد 12 آيار 2019 تعرضت أربع سفن للضرر والتخريب في المياه الإقليمية لدولة الإمارات اثنان منها تعود ملكيتهم للمملكة العربية السعودية.

ولأنها قد هددت من قبل بقطع عمليات مرور السفن خلال مضيق هرمز وفي محاولة يائسة لدفع التهمة عنها عبرت السلطات الإيرانية عن القلق لتعرض سفن في الإمارات لأعمال تخريبية وحثت على إجراء تحقيق وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي في بيان نشر على موقع الوزارة بالإنكليزية إن “الأحداث في بحر عُمان مقلقة ومؤسفة” ودعا إلى إجراء تحقيق في الهجمات محذرا من مغامرة لاعبين خارجيين لعرقلة أمن الملاحة في الخليج.

إذن الأحداث في تصاعد مقلق ولافت للنظر وبين غرور الولايات المتحدة الأمريكية بما تملك من مؤهلات سيدتها عن جدارة على العالم وهي محقة في ذلك بشكل أو بآخر وبين تعنت إيران وتمسكها بما تعتبره حقها الطبيعي كدولة ذات سيادة على أراضيها واستقلالية قد تتوسع خارج حدودها فقد (ولا زال هذا مستبعد لحد الآن) لا سامح الله قد تشتعل نار الحرب في منطقتنا التي تعبر الأهم في العالم وحينها لا ينفع الندم وما لا يجوز في غير الحرب يصبح متاحا أثنائها فأمريكا التي أصبحت قاب قوسين من السيطرة الكاملة على كل منطقة الخليج من خلال قواعدها المنتشرة على اليابسة ومن خلال أساطيلها الحربية العملاقة سوف لن تتردد في قصف وتدمر أهداف تعتبرها إيران مهمة في العمق الإيراني تشل اقتصادها الآخذ بالانهيار ويشي بنهايتها كدولة بالإمكانيات المعروفة وتنتزع منها صلاحيات من المؤكد إنها تمس سيادتها كدولة بلا شك ستخسر الحرب لأنها ستواجه كل العالم المتضرر من الحرب رغم إنها بالتأكيد ستلجأ الى استخدام الوسائل المتاحة لها لكنها ستنقلب ضدها وستزيد من اصطفاف اغلب دول العالم في مقاومتها فإيران ولتخفيف الضغط عنها ستلجأ الى ذراعها القوي والطويل على الأراضي العراقية ولها تأثيرها القوي سواءا على الأجهزة الحكومية أو شبه الحكومية العراقية أو شريحة واسعة من الشعب العراقي وقد أعدت العدة منذ أمد طويل لمثل هذه الساعة ويمكنها أن تستعملها في رد الضربة الى القوات الأمريكية المنتشرة بكثافة على الأراضي العراقية أيضا ولكن الوسيلة ستختلف هنا فاذرع إيران ستستخدم أسلوب حرب العصابات الذي لا تتمكن أمريكا من مجابهته وكلفها الكثير قبل أن تغادر العراق اثر الاتفاقية الأمنية كما إن لها إمكانية هز دولة اليهود مدللة أمريكا والغرب من خلال امتلاكها التأثير على بعض الفصائل الفلسطينية إضافة الى ذراعها القوي في لبنان وسوريا والحوثيين في اليمن كما تسيطر على مجاميع كثيرة تعتبر خلايا نائمة في دول الخليج العربي وتلك وسائل لا يمكن أن يهمل تأثيرها في الجيوش الأمريكية ولكنها حتما غير مؤثرة الى الحد الذي يضعف إمكانيات أمريكا بحسم نتائج الحرب إن حصلت لأمريكا.

ربما تحاول إيران الرهان على موقف روسيا والصين في دعمها وفي كسر الحصار الأمريكي عليها وهذا يخضع إن جد الجد الى المسومات على المصالح رغم الدور المهم الذي يلعبه الاقتصاد الصيني العملاق في السياسة المالية الأمريكية وتغير المواقف السياسية وارد جدا في مثل هذه الحالات أما روسيا فلا تستطيع المطاولة بنفس الإمكانيات الأمريكية رغم عقلية بوتن الواسعة لأنها ستعرض نفسها الى عداء دولي لا مصلحة لها فيه مقابل الإغراءات المالية التي يمكن أن تقدم لها من الدول التي يهمها إسقاط الإمكانيات الإيرانية الحالية وقد حصل هذا منها وتخاذلت وهي في عز مجدها وقوتها في أكثر من موقف أيام الاتحاد السوفيتي السابق الذي كان يهيمن على المعسكر الشيوعي الواسع والقوي.

الاستعدادات كما يبدو للحرب قد اكتملت من الطرفين فإيران تستعجل النهايات ويكاد صبرها ينفذ على حذر وقد استعدت لهذا منذ استلام ترامب لرئاسة أمريكا وهو الذي يحسب لإعادة انتخابه لدورة ثانية يعمل بكل جهده على إقناع ناخبيه بتحقيق وعوده لهم في إخضاع إيران للإرادة الأمريكية وهو يحاول تحقيق ذلك بأسهل الطرق واقلها تكلفة مادية وبشرية تماشيا مع رغبة الشارع الأمريكي الذي لازال يحفظ دروس حرب العراق وأفغانستان ونحن نترقب ساعة الصفر ومن المستبعد إنها ستأتي بدون أن يدفع إليها طرف ثالث.