18 ديسمبر، 2024 7:41 م

ساعة الحسم اقتربت.. سورية على أعتاب مرحلة جديدة

ساعة الحسم اقتربت.. سورية على أعتاب مرحلة جديدة

من دمشق الى حمص وحلب ودير الزور يُسطّر الجيش السوري ملحمة بطولية، يعلمون داعش وأخواتها المعنى الحقيقي للثبات والصمود، هذه الجبهات التي تحولت إلى محرقة للجماعات المتطرفة والمسلحة تتوازى معها في الصمود بقية جبهات المواجهة،والتي حملت الكثير من الرسائل الهامة والمستعجلة تدل على قوة الجيش وبراعته في إدارة مختلف المعارك والمواجهات وأن هناك مقدرة حقيقية على قلب الموازين وخلق معادلة جديدة في الميدان، لكن التساؤل الذي يثار هنا في هذا الصدد هو: هل اقترب الحسم النهائي في سورية؟!.

بعد سبع سنوات من الحرب على سورية الحضارة والتاريخ.. لم يحقق الأعداء سوى الهزائم المتكررة والإنهيار وروح الإستسلام، ولم يصلوا إلا الى أوهام مشتتة وانكسارات عسكرية وقتالية ومعنوية متلاحقة في كل الجبهات، خصوصاً بعد العمليات العسكرية النوعية للجيش السوري بريف حمص الشرقي وما أحرزه من تقدم و سيطرة على تلال الطفحة الشرقية والشمالية الغربية شمال غرب المحطة الرابعة لنقل النفط بحوالي 20 كم بريف حمص الشرقي، هذا التقدم الجديد للجيش من شأنه توسيع نطاق السيطرة في ريف حمص الشرقي وجعل التلال قاعدة انطلاق لتنفيذ عمليات عسكرية جديدة ضد أوكار ومواقع انتشار التنظيم وأخواته من الجماعات المتطرفة ، كما كثف الجيش ضغوطه على جبهة النصرة في شمال شرق العاصمة دمشق حتى تمكن من إعادة الأمن والاستقرار إلى منطقة القابون والمزارع المحيطة بها كخطوة إضافية وقاعدة انطلاق للقضاء على ما تبقى من بؤر إرهابية في ريف دمشق، وهذا الإنجاز الهام يعزز دائرة الأمان في محيط دمشق ويضيق الخناق على المجموعات الإرهابية في الغوطة الشرقية ويقطع طرق إمدادها، وهو الهدف الاستراتيجى للجيش السوري والذي يواصل استعداداته اللوجستية والتكتيكية لإنهاء هذه الجماعات ومن ورائها، والمضي قدماً لاستكمال تحرير كافة أطراف المدينة, مستفيداً من الإسناد الذى يقدمه الطيران الروسي..

في سياق متصل تمكن الجيش السوري وحلفائه من إحراز تقدم كبير على حساب تنظيم داعش في مناطق حلب، إذ سيطر الجيش على مطار “الجراح” العسكري وقرى “خربة عقلة، جراح صغير، وجراح كبير” في ريف حلب الشرقي التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش، وهي مناطق مهمة تمثل خطوط دفاعاته ومنطلقاً لهجماته التي كان ينفذها لعرقلة تقدم الجيش في حلب، ومما شك أن العملية العسكرية التي أطلقها الجيش السوري وحلفائه في دير الزور هي بالغة الأهمية من حيث توقيتها، وتؤكد على جهوزية الجيش السوري للتحرك على مختلف الأراضي السورية، وتدحض كل الأقاويل التي تتحدث عن إستنزافه بعد مضي أكثر من سبع سنوات على بدء الأزمة، وبالتالي فإن تقدم الجيش السوري وحلفاؤه في مختلف المناطق ، شكّل ضربة قوية للدور الغربي في سورية، لذلك فإن الحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين أن معركة الدير معركة حاسمة بالنسبة لجميع الأطراف ونتائجها ستنعكس بشكل كبير على نتائج المفاوضات السياسية، و كذلك على مستقبل سورية، فسحق المتطرفين يعني المزيد من التنازلات على طاولات المفاوضات وفقدان أمريكا وحلفائها لأبرز أوراق اللعبة في المنطقة.

فما نراه اليوم من إنجازات جعلت أمريكا وحلفائها العرب يعجزون في هزيمة الجيش السوري، وكسر محور المقاومة الذي يتضح الآن إنه زاد من قوته وجعل رهان أمريكا وحلفائها على هذه الجماعات المتطرفة خاسر وفاشل، وبذلك سقط رهانهم وفشلت كل محاولاتهم ومساعيهم ليقفوا عاجزين ومرتبكين امام قوة الردع الصاروخية للجيش السوري وهذا ما استوعبته مؤخراً دول تحالف العدوان ذاتها والتي اعترفت في وسائل إعلامها المختلفة بحجم الخسائر والأضرار التي تكبدتها في حربها الخاسرة وتبين لها انها عاجزة عن تحقيق أي شيء على جبهات القتال في سورية، خاصة بعد أن إستطاع الجيش كسر المعايير المتعلقة بالتوازن, وإسقاط كل حسابات أمريكا والغرب بشأن سورية.

في موازاة التغيير الذي أحدثته انتصارات الجيش السوري وحلفائه في المعادلة القتالية فإن مؤشرات عدة تؤكد أنها نجحت أيضاً في حرف بوصلة الترتيبات السياسية والعسكرية،خصوصاً مع إخفاق داعش وأخواتها واستنزاف آلتهم العسكرية، لذلك فأن الأسابيع القليلة القادمة ستكون حاسمة في كل ما يتعلق بالقتال في سورية، وهنا، فإن الملفات المتداخلة في المنطقة ستخضع وتتأثر لما قد يحدث في الفترة القادمة في الميدان العسكري، وهذا ما جعل المراقبون الدوليين والسياسيين يؤكدون بأن إشتعال جبهات متعددة سيدفع بالجيش السوري الى الحسم في هذه المناطق، وإرجاء هذا الحسم في جبهات أخرى، وهنا نقول أن أمريكا وحلفائها يلعبون بالنار ولكنها نار مختلفة هذه المرة وتزداد قوة وقد تحرق أصابع أخرى، والمأمول آن تدرك واشنطن وحليفها العربي حجم المغامرة اليائسة في الجنوب السوري، وتبادر الى مراجعة حساباتها، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع السوري.

وبإختصار شديد يمكنني القول، أن سورية بعيدة عنكم أبعد من عين الشمس، لا تحلمون أيها المعتدون بتفريقنا أو حتى برفع أعلامكم أو بناء قواعدكم على أراضينا، فسورية على موعد مع النصر ولا يفصلها سوى خطوات قليلة من زمن اللحظة التاريخية التي تفوح بدماء الشهداء الذين سقطوا على كل الأرض السورية حول قضية واحدة هي تحرير وطننا الكبير “سورية ” من داعش هزيمة الإرهاب وكف يد العابثين بأمنه واستقراره.
نقلا عن العالم الجديد