ولعٌ لحد الجنون يصاب بعض عشاق الساحرة المستديرة، من تشجيعٍولعبٍ .ولعل الحصول على بعض المستلزمات الرياضية من ملابسٍواحذيةٍ وكرات قدم؛ حلمٌ يسعى اليه الكثير من الاولاد في تلك الفترة الزمنية. وقد تصطدم هذه الرغبة بعسر حال الاهل الذين اغلبهم من ذوي الدخول المحدودة، لذا اكتفى بعض المولعين بأيسر الحلول هي:إن يشترك الفريق في شراء كرة قدم ( أم ربع دينار) ذات اللون الاحمر، وأحياناً تفلح بعض الجهود العصامية في شراء كرة (كريكر أم نصف دينار)، وهي كسابقتها بلاستكية الصنع، ولكنها اكبر حجما ومطبوع عليها علامة مرقطة باللون الاسود. أما الكرة الجلدية فهي امنية لا تتحقق عند الكثير؛ لأنها لا ينالها الا بعضهم. الحصول على كرة قدم مهما كان نوعها اولى خطوات ممارسة هذه اللعبة، ومن الشائع ان يلعب الاولاد حفاة الاقدام بـ(جامات البازة) التي يحرص هؤلاء الصبية على عدم تمزيقها من كثرة الركض وراء الكرة والشد والجذب؛ وهم يتذكرون جيداً تهديدات وتحذيرات الامهات في عدم تمزيقها الا حرموا من ممارسة اللعب مرة اخرى، ولكن هذا الوعيد يذهب ادراج الرياح، ويعود الاولاد، وقد مزقوا تعب الامهات. في حين يعمل بعض الاولاد من الذين اجهدوا انفسهم بشراء الاحذية الرياضية البلاستكية ،ولعل اللعب بهذه الاحذية يجعل الجواريب تتحول الى قطعة ماء نتيجة التعرق مما يجعلها تصدر اصوات، وهي تنزلق وتطير من أول ركلة للكرة. لذا يعمد من يلبس هذه الاحذية البلاستكية الى خلعها بين مدة واخرى لأجل تجفيفها. لم تكن (الدريزات) الا (بجامات البازة) المقلمة، ولكن التواجد في ساحة الفتيان الامر مختلف حيث الفرق الكروية هي تتبارى على مد البصر. يتطلب التواجد في هذه الساحة الرياضية ملابس رياضية نظامية مثل الاحذية الجلدية (اللابجينات) حيث تباهى احدهم بارتدائها عبر طلبها من هذا وذلك الصديق، واحياناً من رياضي معروف في المنطقة، وهذا الاخير ولا يبخل على ابناء منطقة في استعارة بعض تجهيزاته الرياضية.
ساحة الفتيان ( شقق الحبيبية اليوم) واحدة من أهم ملاعب كرة القدم الشعبية حيث يتجمع المحبون عند العصاري من مختلف فئات المجتمع : طلاب ، عسكريون ، رياضيون محترفون ، متقاعدون ، اطفال صغار. هذا المشهد يثير الانشراح في نفوس بعض عشاق الكرة، فيقرر احدهم تبرع ببعض التجهيزات الرياضية لهذا وذلك الفريق ؛ فيصبح الأب الروحي والراعي الرسمي له ، وهو من يقدم النصح والارشاد والتوجيه للاعبين فضلاً عن الدعم المالي، وفي المقابل يحصل هذا المولع بمشاهدة ساعات لعب مشوقة تسعد الجميع. اليوم فقدت اغلب الساحات الشعبية بعض رونقها وتحولت الى كتل خرسانية صماء لا تعرف سوى الذكريات التي تبحث عن من يعيد لها بعض بهاء الزمن الماضي .