لم يبق على ما رايته في قمة شرم الشيخ العربية السادسة والعشرون الا حضور الكاولية ساجدة عبيد هي وشلتها لتمارس وسط القاعة الرحبة ما يعرض لهم على اليو تيوب من ردح ( هذا لعبنا ولا تكول استهتار ) وكلمة تكول كما يعرف العراقيون تعني تقول في اللهجة العراقية.
لقد تطرق الاعلام بشتى صوره والكثير من الكتّاب الافاضل الى الكثير من النواحي التي كانت جديره بالتعليق ولا اقلها الجانب الاقتصادي الذي تمر به الامة العربية وتاثرها بانخفاض اسعاره، فلم تكلف القمة نفسها في التطرق الى النظر لهذا الموضوع الحيوي الذي يعد لاشك عصب الحياة ليقترحوا مثلاً ستراتيجية معينة لطمأنة مستقبل الشعوب العربية على اقل تقدير.
غير ان مادعاني حقاً لكتابة هذا الموضوع المتواضع هو ما لاحظته من استهتار غريب يتلخص في امرين.
* وجود محورية واضحة في هذه القمة حيث اجتمع العاهل السعودي والرئيس المصري واليمني منصور هادي في قمة مصغرة لوحدهم قبل انعقاد القمة. وما يؤكد على وجود هذا المحور هو اتباع صيغة جديدة قد اتفق عليها هذا الفريق على مايبدو غيّرت من السياق المعمول به دون الاكتراث ببقية الحاضرين، فقد اعطى الرئيس المصري اولوية القاء الكلمة للملك السعودي ثم لهادي ثم عاد الى السياق المعمول به حيث بدأ بكلمة امين الجامعة العربية … وهكذا. هذا يعني ان واقع جديد فرضته السعودية ومن ورائها من قوة عظمى ساندة على الواقع العربي السياسي. وقد لحق بهم الامير الكويتي كما سنبينه في النقطة التالية.
* يضاف الى ذلك استهانة اخرى هي خروج سلمان وهادي وامير الكويت بعد القاء كلماتهم مباشرة وكأن لسان حالهم يقول لا حاجة لنا باستماع كلمات الاخرين وخطبهم فهي لاتعنينا ولاقيمة عملية لهذا (فلانريدهم ان يثرموا علينا) كما يعبر العراقيون بلهجتهم عندما لايعجبهم كلام احد ما، وبهذا التحق امير الكويت بذلك المحور.
هذا من جهة ومن جهة اخرى ما ورد في رد وزير خارجية الكيان السعودي على كلمة الرئيس الروسي من مغالطات حول ما يدعونه من ما يسمى بالشرعية.
فقد بدا وكأن امر الشرعية العربية ومن خلال مدعيات عملية ما يسمى ( بعاصفة الحزم ) هي بيد آل سعود. هكذا اصبحنا في آخر الزمن، وقديماً قالوا “عش رجباً ترى عجباً”. فهذه العائلة التي لاتعترف باي شيء متحضر ما عدا ما يمارسه الغرب في مواخيره الليلية وقد اغتصبت السلطة اغتصاباً لاهوادة فيه ولازالت تمارس اشرس الاساليب المتخلفة كقطع الرؤوس في معاقبة معارضيها، تمنح الشرعية لمن تشاء وتنزعها ممن تشاء. وها هم يقتلون مئة وخمسين مسكيناً من اليمنيين ناهيك عن اعداد الجرحى في غارة واحدة من غارات عمليتم المستهترة ( عاصفة الهزم ) كما اعٌلن عبر الاعلام هذا اليوم.
وما استقوائهم بقوى غير عربية كالاتراك والباكستانيين على ابناء جلدتهم العرب المساكين من اليمن المستضعف الا واحدة من اشهر الفضائح التي تبين مدى جبن وخوف آل سعود على وضعهم الهش.
والعجب العجاب خروجهم في فضائياتهم العربية وهم يتكلمون عن الوضع بالعراق مدعين انه اصبح بما هو عليه بسبب تهميش السنة ويجب على العراق احترام جميع الارادات والمكونات!!!!!!، وبهذا يمكن للقارئ الكريم ان يشخص مدى ما وصلت اليه الامور، فقد هزلة ورب الكعبة ، وكما يقول المثل ان ( لم تستح فقل ما شأت وافعل ما شأت)، فهم يطلقون هذا الكلام ضحكاً على الذقون بالمقدار الذي يجافي الحقيقة كون المكون السني يمارس استحقاقه الديمقراطي في العراق وفق صناديق الاقتراع كاملاً ومنهم رئيس مجلس النواب ولكن
لنا ان نتسائل، هل هنالك من يحترم دوره او حتى رايه في السعودية غير آل سعود؟، ام ان هؤلاء الامعات الاعلامية لاتريد ان تواجه الحقيقة ” لشجاعتها ” المفرطة؟!.
وكأني بهم يرددون ردحات ساجدة عبيد ( هذا لعبنا ولاتقول استهتار ).
لقد كانت قمة عربية حقاً ولكنها قمة في المهزلة . وكان النور الحقيقي الوحيد فيها بحق وجود الدكتور ابراهيم الجعفري الذي اعاد هيبة العراق بعد نكوصها على يد هوشيار زيباري الذي لم يحسن تمثيل العراق بالشكل المطلوب طيلة سنين عديدة مع الاسف الشديد الامرالذي اسهم في ضياع هيبة البلد وكلفه الكثير.
لقد واجه الجعفري اعلامييهم ورجالات دين منهم بكل حنكة الرجل الضالع في التاريخ صاحب المستوى الثقافي الواعي الذي لايجارى. وقد رد مقدم برنامج ( العاشرة مساءً ) بشدة بقوله عليك ان تقرأ قبل ان تقدم برنامجاً، واردف مسهباً انكم تحملوننا تبعات علاقتنا بايران في حين ان علاقاتكم بها كانت اقدم واعمق، الم تتطلع على زواج شاه ايران المقبور من فوزية ابنة ملككم فؤاد عام 1939؟، وكانت هذه واحدة من وقفات الدكتور الجعفري الذي نوّر بها عقول هؤلاء المغلقة لاسباب لاتخفى على احد.
ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه، كيف السبيل للخلاص من هذا الاستهتار؟، جواب ننتظره من شعوب الخليج علها تجيبنا عليه بعد تخلصها من دونية الرفاه المادي وفواقها من غفوتها.
والله تعالى من وراء القصد.