18 ديسمبر، 2024 10:14 م

سائرون بين الجريمة والعقاب ؟

سائرون بين الجريمة والعقاب ؟

تحية .. وبعد
أعرف جيداً سوف تهمل رسالتي كعشرات الرسائل بل المئات التي أهملت عن عمد من رفاق وأصدقاء للحزب ومن محبيي للشيوعية ، لكن المهم أن يصل صوتي والذي بات مبحوحاً من هول الصراخ وربما تحول في بعض المواقف الى نشاز وملامة ، لكنه يبقى نابعاً من القلب وبحرص وخوف شديدين على تاريخ التجربة وشهدائها ، لأنها ملك الجميع وليس ملكاً لأحد بعينه . عندما جيشت أمريكيا وحلفائها وعملائها جيوشها على أرض العراق الوطنية فهي حرب إستعمارية بأمتياز قلعت البشروالحجروالشجر بجريرة تداعيات باطلة سرعان ما فضحت أهدافها المعلنة أمام آفات تدمير البلد والناس . وأنا ليس هنا بصدد مناقشة موقفكم من الحرب على ضوء المؤتمرات التي سبقت أحتلال العراق ، وأنما مشاركتكم بالعملية السياسية التي هي نتيجة الحرب العدوانية على العراق ؟.

في اليوم الأول ، الذي أحتل به العراق زارني الى موقع عملي ( سيد عدي حمادي ) وكأي عراقي دفع الكثير من المعاناة من أجل خلاص شعبنا من الدكتاتورية والحروب ، وكان منتعشاً مع سرب من الأماني والامنيات ، أما أنا كنت حزيناً بهدر نضالات شعبنا وسرق تضحياته بأجندة الاحتلال ، وكانت لي أمنية واحدة فقط أن يعود الشيوعيين الى وطنهم بمعزل عن القوى الاخرى وأجندتها المشبوهة في تأسيس مقرات والقيام بنشاطات بعيداً عن أجندة العملية السياسية في طرح مشروع وطني تدغدغ به مشاعر الجماهير التواقه الى أخبار الشيوعيين مما تركوه من أرث نضالي ومناقب مؤثرة وقوافل من الشهداء طيلة مسيرتهم النضالية على ناصية الماركسية واليسار في معاداة الامبريالية والاستعمار والدكتاتورية والاحتلال والطائفية ، لكن الذي حدث هوعكس مما كنا نطمح ونتأمل وهذا حقنا الطبيعي ، حيث ذهبتم وشاركتم بعملية طائفية نصبها المحتل بعيداً عن أساسيات الفكر الماركسي في مثل هكذا منعطفات في تجارب حياة الشعوب مما نتج عن وضع صعب وضع في طريقكم عراقيل جمة في العلاقة مع قوى شعبنا الحية ، والتي أصيبت بالذهول والارتداد من خلال السيناريوهات التي عدت في التبرير الغير مبدئي في التعاون مع قوى الاحتلال ، مما سببتم أرباكاً في المفاهيم الماركسية في العلاقة مع الجماهير تجاه الوطن . الماركسية ليس نظرية حزبية وأنما نهج عمل .

وفي سنوات مضت وتحديداً بعد فرط التحاف مع البعثيين في نهاية السبعينيات من القرن الماضي ، أضطر الشيوعيين أن ينتقلوا الى خندق أخر من النضال ، أتخذوا من المهجر نقطة أنطلاق لهم صوب الوطن وفي مثل تلك الظروف لاشك في أبراز تداعيات خطيرة هزت جسم الحزب وأربكت العلاقة مع قوى شعبه وجماهيره وملاكاته . الحزب كان بحاجة شديدة بعد الاحتلال أن يعيد الثقة بالجماهير على أسس وطنية بعيداً عن الضغينة والتشهير السياسي ، الذي نخر بناء جسم الحزب في المهجر . في النتيجة أدت به تلك السياسات الى التحالف مع سائرون والارباك في الموقف الوطني ؟. ما زالت أمامكم فرص تدعوكم الى أعادة النظر بمواقفكم بما يمليه عليكم حرصكم بترميم الوضع الداخلي الذي أنهكته السياسات الخاطئة وصعوبات المهجر بمد يد التسامح والأعتذار الى الالاف من الشيوعيين ، الذين همشوا وأبعدوا عن عمد نتيجة تلك السياسات الخاطئة طيلة عمر التجربة . عينة رفاقكم هم بعيداً عن العائدون والسياحيين ومن أهل الله ، كما شخصها الشاعر البهرزي أبراهيم .

سائرون … أئتلاف أنتخابي تم تشكيله لغرض خوض الانتخابات التشريعية والمحلية مكوناته الرئيسية هي حزب الاستقامة ( حسن العاقولي ) ، الذي تبخر هو وحزبه بعد أنتخابات ٢٠١٨ وبرزت واجهة أخرى ، هي التي كانت خلف الكواليس مع الحزب الشيوعي العراقي وخمسة أحزاب أخرى لاتهش ولاتنش أنها مجرد أرقام باهتة .

من خلال قراءتي ومتابعتي لتحالفكم مع سائرون ( السيد مقتدى الصدر ) وصحبه الطائفيين ، لا أحد أن يكون سياسي يعترض على مبدأ التحالف ضمن سياقات المفاهيم الماركسية اللينينية ، لكن ضمن تجاربنا السابقة في سياسة التحالفات برهنت فشلها لسوء الأداء والعجز في أدارة الصراع داخل حلبة التحالفات ، وقالت عنها التجارب السابقة في عجز تكتيكها الخاطيء وستراتيجيته من الجبهة الوطنية مروراً بجوقد وأنتهاءاً بجود حصيلة مجزرة بشتاشان .

يارفاق .. كل قوى شعبنا تدرك حتمية هذا التحالف سيؤدي الى الانهيار وتتبعه تبعات كبيرة قد تؤدي الى أراقة الدماء ، ومازالت الاصوات عالية من رفاق الحزب ومحبيي عبر عدة منابر أعلامية وناصيات المواقع الكترونية وقنوات حزبية تطالبكم بالتأني بل الغالب الاعظم منهم تمنى لكم أن لاتدوسوا على عتبة هذا التحالف ، لكنكم واجهتوا تلك الاصوات بدل من أن تصغوا لها ذهبتوا بتوجيه العقوبات والطرد والتهميش والتشهير .

في جردة حساب بسيطة على عمر تحالفكم مع جماعة السيد مقتدى الصدر حفظه الله تحت يافطة ( سائرون ) . سائرون الى أين لا أحد يعرف ؟. والوطن زاد به الخراب والفساد ومنذ الاعلان عن تحالفكم قبل أنتخابات ٢٠١٨ ، لا بارقة أمل بأتجاه عراق معافى من خلال مشروع وطني يتصدى للارهاب والفساد والمحاصصة الطائفية . نقد أي تجربة هي في قيمتها وسر قوتها ، وتجربة سائرون بلا بوصلة ولا هدف قد تحقق في مطاليب شعبنا الى الاصلاح بل كانت هناك مؤشرات لتحولات نحو المدنية والقضاء على الفساد قد أحبطت في مكانها ومن باب التذكير وقفات ساحة التحرير كادت أن تتحول الى حراك مدني ديمقراطي رغم محدوديته ، لكن تحالف سائرون قضى عليها ، وهذه ليس محض صدفة وأنما مدروسة ومقصودة بشكل جيد وواحدة من أجندة التحالف ، الذي تورطتوا به .

سائرون وكما تعرفون وأبناء شعبنا على دراية قريبة مشارك فعال في فساد العملية السياسية من خلال تشكيلته في مجلس النواب والوزراء والمدراء العاميين في أجهزة الدولة عبر ميلشيات مسلحة ذات توجه طائفي . لقد حان الوقت لاعلان الانسحاب من هذا الائتلاف الطائفي والتوجه الى مصالح شعبنا الحقيقية في التوق الى أعادة البناء وترميم مؤسسات الدولة عبر التنمية وتعزيز أسس الديمقراطية في البناء والتطور للقضاء على الفساد ودحر الطائفية وأنتم الاجدر بها ، فلا تدعوا الفرصة تفوتكم وتخسروا جماهيركم والتي تتطلع لكم اليوم قبل غيره . مرت سنوات جحاف من عمر الاحتلال والطائفية وذقتوا مرارته وعانه شعبنا من ويلاته .

وفي السياسة ممكن المناورة أذا أقتضت مصلحة الشعب والوطن والآن شعبنا بحاجة الى مواقف تجمعه نحو شاطيء الأمن والأمان ، تذكروا جيداً لقد مرت على عقد الجبهة مع البعثيين خمسة وأربعون عاماً واللوم والنقد يلاحقنا الى يومنا هذا . لابد الاستفادة من التاريخ وأخطائه حتى لانفقد شعبيتنا للابد بين الناس .