يعيب بعض الأصدقاء كثرة استخدامي لعبارة (مفاسد المحاصصة) تكرار الدعوة للتغيير الشامل في العملية السياسية، التي حولت الدولة العراقية الى( دولة – شبح ) ليس لها سيادة في فرض سيطرتها على السلاح الداخل والخارج من البلد بما فيه الصواريخ متوسطة المدى وشبح اقتصادي ليس لها قدرات مادية مؤهلة وفقا لمعايير الحكم الرشيد، فيما يتصاعد صخب التصريحات عن وجود كفاءات متنوعة ضمن الولاءات الحزبية وشبح متجدد في هذه الأيام وهي تواجه معضلات متفاقمة نتيجة جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط وفقدان الأحزاب لبوصلة المصلحة الوطنية في عدم الانتهاء من تكليف رئيس وزراء جديد بعد تظاهرات تشرين الأول الماضي التي أدت الى استقالة حكومة السيد عادل عبد المهدي.
في حوارية معتبرة مع احد الأصدقاء على كروب المركز العراقي للتنمية الإعلامية، اختلف معي هذا الصديق في كل كلمة اقولها لوصف العملية السياسية وعد المحاصصة نموذجا مقبولا في اعراف وتقاليد نموذج الحكم البرلماني بان يأخذ كل مكون استحقاقه وفق ما مرسوم من خارطة سياسية حسب كل مكون لكن يكون وفق معيار ومواصفات وقال ” اعطني نموذج واحد في العالم من النظم البرلمانية لا تشكل الاحزاب الحكومة فيها “.
فأجبت على ما توالد من اعراف وتقاليد شاذة عن القاعدة الدستورية بطلب ان يقدم محاوري أي نص دستوري مذكرا إياه بالتفسير الصادر عن المحكمة الاتحادية حول نظام المحاصصة ، هذا التمسك بأهداب الدستور وان كنت من منتقدي أسلوب تطبيقه الانتقائي من قبل اكثر من طرف في العملية السياسية ، لكن ليس امام عراق اليوم الا ما ورد في متن الدستور المصوت عليه بالقبول من اغلبية العراقيين من دون رفضه من ثلاثة محافظات عراقية !!
وتستمر الحوارية فيجد صاحبي ان الدستور ينظم العملية السياسية ولا يوضح كيفية الأداء وفي كل نظام سياسي توجد اعراف وتوافقات لم تذكر في الدستور كما هو الامر ينسحب في المقاربة من يعترض على عدم ذكر القران الكريم كل شيء .
فكانت اجابتي ” متفقون جدا هذه الاعراف والتوافقات انتهت إلى مفاسد المحاصصة وحكومتها العميقة وسلاحها المنفلت والاجندات الاقليمية والدولية للأحزاب المهيمنة على السلطة”، فكانت اجابته تطلب مني تحديد أي سلاح منفلت اتحدث عنه وان المفاسد موجودة من زمن نظام الطاغية وان كان ذلك لا يبرر ان تبقى اما مصطلح الدولة العميقة الذي يردده الاغلب دون تعريف او توصيف منهجي من يقف وراء هذه الدولة؟؟
تؤكد هذه التساؤلات إصرار الكثير من المحللين السياسيين على رفض توصيف مفاسد المحاصصة بما انتجت في تكوين الدولة العراقية، فتوجب على الإجابة بوضع النقاط على الحروف قائلا ” السلاح المنفلت الذي لا تسيطر عليه الدولة بوصفها الجهة الوحيدة التي تحتكر العنف بموجب الدستور.. الدولة العميقة هي اللجان الاقتصادية للأحزاب المهيمنة على السلطة في جميع اشكالها وانواعها واماكن وجودها … اعتقد واضحة وصريحة ومباشرة”
لكن صاحبي يبقى مصرا على موقفة قائلا ” اما الاجندات فهي بسبب بعض الذوات المريضة التي تستخدم في استلاب العقول من خلال بعض الناشطين وبعض الصفحات المدفوعة الثمن وبعض العملاء من المرتزقة في الإعلام والصحفة الصفراء التي تعمل ليلاً ونهاراً على هدم البلد ونشر السوداوية والتشكيك بكل منجز او انتصار حصر السلاح بيد الدولة اول المنطلقات التي يستند عليه الامريكان والمقصود هو الحشد في حين أمريكا وأوروبا هم أكبر مافيات في العالم وجنابك تتحدث عن الدولة الرومانسية الافلاطونية التي لا توجد في بقعة من بقع الأرض”
ولمنع هذا التعارض في استخدام المصطلحات قلت ” وجهة نظر معتبرة ومحترمة… لكن الحشد الشعبي كما نعلم جميعاً مؤسسة عسكرية تحت قيادة الدولة أليس كذلك”.
لكنه رد قائلا “إلى الآن الكلام عندما يرد في هذا الإطار المقصود به هو الحشد رغم حجم التضحيات وحضرتك والأفضل نعلم فحوى الخطاب وما وراء القصد نعم بعض الاحزاب كان لديها اقتصاديات وبصورة علنية ماذا يجب علينا أن نعمل هل نكتفي بالنقد ام ننشر الوعي ورفع مستوى الوعي لدى عامة الناس في كيفية حصر الاختيارات وتقديم من هو أفضل وأكمل إلى التصدي” فقلت له ” مرة أخرى متفقين جدا”.
لماذا انشر هذه الحوار؟؟
تتمثل الإجابة عندي ان الاختلاف في الراي لا يفسد للود قضية ومستعد للدفاع ان يقول المختلف معي رايه بكل صراحة وحرية من دون شفافية الصراحة لن نتقدم في الحوار الوطني المقبل، ومن هنا يمكن تثبيت بعض النقاط التي اكررها، نعم مفاسد المحاصصة آثام كبرى لكل من تصدى يوما للعملية السياسية وحمل امتيازات الدرجات الخاصة ، ولا اعتقد ان أي كفاءة مهما قيل عنها مؤدلجة بعقلية ولائية لأجندات أحزاب مفاسد المحاصصة ليس باستطاعته العمل على التغيير من داخل صندوق العملية السياسية، خوفا من فقدان الامتيازات، وأيضا خوفا من سطوة قيادات الأحزاب المتحكمة بالسلاح المنفلت ، الذي ليس للدولة سلطة احتكاره ، وهو متعدد يبدأ بالسلاح المتوفر بيد العشائر ، ولا ينته بالسلاح بيد قوى سياسية لها قدم داخل العملية السياسية وقدم خارجها .
لذلك نحتاج الى فضاء الحوار الحر المفتوح لرسم خطوات بداية حقيقية تحقق العدالة الاجتماعية في المساواة بين المنفعة الشخصية والمنفعة العامة، اشكر صديقي العزيز على هذا الحوار المثمر ولله في خلقه شؤون !!