يتصور الناس أن الطود الشامخ زينب بطلة كربلاء ولدت في يوم الخامس من جمادي الاول ، والصحيح أنها ولدت على التل في يوم عاشوراء بكربلاء ,وهي تنظر لأخوتها وأبنائها ولأنصار الحسين القائد المصلح وسيوف ورماح بغي الموت تقطعهم بغير رحمة ولا شفقة ، زينب العنفوان التي حملت هموم والآم رسالة السماء وعضت على جراحها ولم تخمش خدودها ولم تنثر شعرها , كانت صامدة صلبة باسلة تحدت السلطة التي أناخت لها الرجال وتحولوا لعبيد لها بحكم جبروت قوة السلطة , وهي تنظر لهم بعين الازدراء فتجدهم بعينها على حقيقتهم الممسوخة وحوش تلتهم أي شيء،أماطة اللثام عن زيف الافتراء وتدليس الحقيقة وأظهرت أمام الملأ حجم الانحطاط الفكري والمعرفي الذي وصلت إليه الأمة , بأن يكون خليفة يقود المسلمين الدولة المترامية الأطراف مثل يزيد أمير للمؤمنين يؤم الرعية وهو ينادم القردة ويمارس الفجور سرا وعلنا مسخٌ لا يستطيع أن ينظم نفسه يتسلط على رقاب رعيته ، فواجهته وجهاً لوجه وعرفت قدره ولم تأبه لحديده وناره بقولها: {وسيعلم من سول لك ومكنك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلا وأيكم شر مكانا واضعف جندا ، ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك ، إني لاستصغر قدرك واستعظم تقريعك ، واستكثر توبيخك ، ولكن العيون عبرى ، والصدور حرى }, نعم مأساة الدهر أن تسوق الأقدار المساواة بين سيد البلغاء والمتقين الإمام علي (ع) الذي ولد في أقدس بقعة واشرف مكان ، وبين من ولد في أٍسرة بيوتات الرايات التي اشتهرت بالبغاء والرذيلة .. كيف يمكن للضيغم أن يمنع عنه الماء ؟ ثم يباح للكلب أن يشرب منه بسهولة , كان الضبع من بعيد يغير مسار طريقه عندما يشاهد ملك الغابة يسكن في عرينه ، وعندما يموت أو يقتل الأسد , فيأتي إليه متشفياً يقطع رأسه ثم يسرقه ليقيم مع الضباع أمسية الفرح أحساساً منه بالدونية وشعورا بالنقص, زينب دافعت عن مظلومية الفقراء والمستضعفين , وعن المفاهيم الإنسانية التي خرج لأجلها الحسين لتحقيقها بإقامة الإصلاح المجتمعي في نهضته , بعد أن أعيدت الجاهلية وتم مصادرة حق حرية الرأي والاعتناق وقول الحقيقة , وفرضت ثقافة العبودية على المجتمع بأن ينتهجوا ما تريده منهم الدولة الفاسدة التي يقودها مفسد يساعده وعاظ شرعوا له الفساد ليبرروا له مساوئه وسلوكياته المنحرفة بأسم الدين الإسلامي , فروزة باركس الأمريكية السوداء مع فارق الهوية والانتماء أيضاً انتفضت عندما طلب منها القيام من مقعدها لتعطيه لرجل أبيض بذريعة أن السود لا يحق لهم الجلوس في المقاعد بل الوقوف , فكانت الشرارة الأولى لانطلاق الرفض للطبقية والفوقية التي كانت تعيشها الولايات المتحدة الأمريكية , على الأمم المتحدة بأمينها العام كونها أعلى سلطة دولية أن تحتفي وتقيم الاحتفال بأممية رمزية أم الإباء زينب , من باب أنها أعطت مثالاً للمرأة المسلمة المتصدية لطاغية زمانها وهي الواعية والمدركة لحجم المسؤولية التي ألقيت على عاتقها من خلال المشروع ألإصلاحي الذي بدئه الحسين وأكمل الطريق بها , لا يزال أرثها العملاق بقيمه ومبادئه تستلهم منه النساء والرجال النور والإضاءة على امتداد تعاقب الأجيال , بعمرها التي كرسته في الدفاع حقوق الإنسانية التي أريد لها النحر على أعتاب المفسدين المتنفذين المتولين على مقدرات ومقررات الأمة على , اندثروا ولم نجد لهم في كتب التأريخ سوى صفحات سوداء , وبقيت زينب رمزاً للإباء تتصدر التأريخ وعناوينه مدرسة إنسانية ممتلئة في المواعظ والدروس والعبرة .