18 ديسمبر، 2024 9:56 م

زيدان حمود الزيدي في غيابه يتجدد الرثاءُ للمسرح في محراب ذكراه

زيدان حمود الزيدي في غيابه يتجدد الرثاءُ للمسرح في محراب ذكراه

يا زيدان
سأتوقف عن الكتابة
بعد أن فقدتْ الكلماتُ عذوبتها
بعد ان أضحت الكلمة مجرد تسطير حروف
وتضليل حقائق وتمجيد سلطان
وتلفيق عمائم وتزييف أوهام
سأتوقف عن الكتابة
بعد أن أمست الكلمة مجرد تقمُصُ ألقابٍ
وإنتحالُ صفات
يا زيدان
سأتوقف عن الكتابة
لأن برحيلك قد رحلت البلاغة
وماتت الفصاحة
سأتوقف عن الكتابة بعد أن جفّ مِدادُ يراعِكَ
سأتوقف عن الكتابة وأقلع عنها الى الابد
فلا فائدة تُرجى ولا أمل قريب المنال
يا زيدان
عذراً – فانه بموتك قد مات الأدب
ومات الفن
ومات العشق
وتوقفت قيثارة عشتار عن معزوفتها الابدية
في لحن سر الحياة
وتوقف جلجامش في البحث عن الخلود
في ملحمته الأزلية
يا زيدان
برحيلك أصبح المسرح مهجوراً
والكواليس مظلمة
والستائر باتت أشباحاً
بعد ان كان المسرح إيقونتك السومرية
وشعلتك الوثابة
التي تطلُ علينا من خلالها
يا زيدان
برحيلك لم نعد نسمع لجدران المسرح غير صدى حزيناً
يرجع همساً خافتاً يُبكي المآقي
ويردد عند مسامعنا نُذر الشآم
يا زيدان
عذراً وألف عذر
فانني سأتوقف عن الكتابة وأقلع عنها
سأتوقف عن الكتابة الى الابد
بعد ان توقف نبض الحياة

يا زيدان
كان عليك أن تموت
ولابد أن تموت
ويجب أن تموت
بعد ان رحل عنك وعنا رفيق عمرك وتوأم روحك
وجارك الذي كان يسكن أصاد دارك

يا زيدان
لقد أخطأت الانسانية بحقك
لأنها لم تجعلك سفيراً للمحبة والسلام
واليوم وبعد أن أفل نجمك
وغاب جسدك عن الانظار
وتوارت معالمك عن الحُجب
تسامت روحك في الأعالي
بعد أن فارقت العوالم الدنيا
كنت تتبتل وتتهجد في نسك محرابك
لتزيح الظلمات عن النفوس الزاكيات
يا زيدان
لم يعرفك حق المعرفة – إلاّ الله وأنا
وأيمُ الله لقد ظلموك
لأنهم لم يلتفتوا الى ترنيمة الخلد
التي كانت تنطلق من قلب عاشق ولهان
لقد صدقت النبوءة يا زيدان حينما قلت
إن الشعر قد جفّ
وأن الشعر قد مات بموت بدر شاكر السياب
فعلاً أن كلامك كان مصيباً
اليوم – لم نجد شاعراً أصيلا
يرثيك بارجوزة عصماء

حرّيٌ بنا أن نُعزي أرملةٌ طولَ الدهرِ
إنها المسرح
رحمك الله أبا مروة
وصدقت فقد كان الصدق ملء شدقيك
وكان الوفاء عبير روحك الطيبة
كنت صاحب رسالة عظيمة لاتوازيها غير رسالة الـ “يسوع”
لم يعرفك الآخرون كما كنت أعرفك
كنت الـ “يسوع” طيباً لم ترفع صوتك مرة واحدة
لم نكن لنسمع سوى صوت قلبك يصدح
بأجمل الاغنيات لذا فان قلبك قد تمزق
نعم يازيدان لقد كنت هادئا
ولم نسمع صوتك مرة في حياتك
كلنا لم نسمع صوتك يازيدان
كنا نسمع نبضات قلبك فقط
وكنا نراك فقط
حينما كنت تسجد في ذلك المحراب
الذي كنت تلازمه
وتتعبد في أروقته وتسرح في كواليسه
ليل نهار
إنه عشيقتك “المسرح” فلماذا ولماذا
لانسميك “اليسوع”
لقد ذهبتَ ليترمل بعدك المسرح
ويفقد عنفوان زهوه الى الأبد