18 ديسمبر، 2024 10:21 م

زيارة السوداني لواشنطن و”التيّار الوطني الشيعي”!

زيارة السوداني لواشنطن و”التيّار الوطني الشيعي”!

مرّة أخرى ولدت في العراق مفاجئة صدريّة جديدة، حيث أعلن زعيم التيّار الصدري، مقتدى الصدر، في اليوم الأوّل من أيّام عيد الفطر المبارك، 11 نيسان/ أبريل الحاليّ، ولادة تيّاره الجديد، التيّار الوطنيّ الشيعيّ!

وكانت المفاجئة الكبرى في التسمية التي حملها التيّار الجديد، وهي تسمية قائمة على الطائفيّة الدينيّة، وهذا يتضارب مع الشعارات التي نادى بها التيّار خلال السنوات الأخيرة، ومنها تأكّيده بأنّ إصلاح العراق لا يكون إلا بحكومة أغلبيّة وطنيّة“!

وقد نشر التيّار في السابع من نيسان/ أبريل الحاليّ، مقطعا مصوّرا لآليّات ثقيلة في منطقة صحراويّة وهي تعمل على تسوية وتعديل مناطق ترابيّة، وختم بعبارة:” قريبا، برعاية القائد السّيّد مقتدى الصدر”!

فهل يقصد أنّ تيّاره، وبآلياته البشريّة الثقيلة، سيجرف الآخرين؟

ولا ينكر أنّ التيّار الصدري يمتلك قاعدة جماهيريّة واسعة، وربّما، هو الوحيد من بين القوى الأخرى حافظ على غالبيّة جماهيره، وعليه أظنّ أنّ الصدر يُراهن على أتباعه ببغداد والجنوب للظفر بالانتخابات القادمة.

ومنذ العام 2011 شَكّل الصدر العديد من الكيانات السياسيّة الانتخابيّة، ومنها كتلة الأحرار، التي حصدت 34 مقعدا في انتخابات العام 2011، وبعد سبع سنوات شَكّل تحالف (سائرون للإصلاح)، وفي العام 2021 حصلت (الكتلة الصدريّة) على 73 مقعدا منمجموع (329) مقعدا.

وأخيرا جاء (التيّار الوطنيّ الشيعيّ)، ولا ندري هل سيشترك بالعمليّة السياسيّة مستقبلا أم لا؟

وسبق للصدر أن أعلن منتصف حزيران/ يونيو 2022، وبعد ثمانية أشهر من الانتخابات البرلمانيّة، انسحابه من العمليّة السياسيّة، وأكّد على عدم المشاركة في أيّانتخابات مقبلة حتّى لا يشترك مع الساسة الفاسدين، وهذا عهد بيني وبين الله، وبيني وبينكم ومع شعبي، إلا إذا فَرّج الله وأزيح الفاسدون وكلّ من نهب العراق وسرقه، وأباح الدماء”!

ولا ندري ما الذي تَغيّر بعد قَسَم الصدر، وبالذات كون أسباب انسحاب الصدر القديمة قائمة حتّى اليوم،وهو الآن وفقا للكثير من التسريبات يَستعدّ بقوّة للدعوةلانتخابات برلمانية مبكّرة!

ولا نريد أن نخوض في المواقف التي تبنّاها التيّار الصدريّ ثمّ انسحب منها في ذروة الوصول إلى الهدف، ومنها الانسحاب من العمليّة السياسيّة بعد حصوله على 73 مقعدا، وأمره لاتباعه بالخروج من المنطقة الخضراء بعد أن أعطى لهم الضوء الأخضر لدخولها، ثمّأعطيت لهم الأوامر بالرجوع لمنازلهم بعد أن قُتِل العديد منهم، وغيرها من القرارات!

إنّ القرارات غير الثابتة السابقة للصدر تجعل المتابع للتطوّرات المتعلّقة بالتيّار في حيرة من أمره، ولهذا لا يمكن بسهولة توقّع أو الجزم بالخطوات، السياسيّة والميدانيّة، القادمة للتيّار!

فهل التيّار الجديد يقصد به ضرب الإطار التنسيقيّالشيعيّ، بقيادة نوري المالكي، ولهذا حرص الصدر على إضافة صفة (الشيعيّ) إلى تيّاره الجديد، وأنّ المرحلة القادمة مرحلة صراعات سياسيّة وغير سياسيّة شيعيّةشيعيّة؟

وهل هذا التحالف الجديد سيعجّل نهاية حكومة محمد شياع السوداني، وخصوصا مع محاولات الجيوش الإلكترونيّة تلميع صورتها بقوّة وبكافّة الأدوات المتاحة!

وهل هي دعاية مجّانيّة ذكيّة، واختبار لشعبيّة الصدرفي الشارع الشيعيّ العراقيّ؟

أم هي مجرّد مناورة سياسيّة سيستمرّ معها مقاطعة التيّار الصدريّ للعمليّة السياسيّة؟

وقد يحمل التيّار (الشيعيّ) الجديد رسالة، داخليّة وخارجيّة، مفادها أنّ “شيعة العراق” يعملون لمشاريع وطنيّة عراقيّة بعيدا عن التأثيرات الخارجيّة؟

وهنا، ربّما، تذهب السيناريوهات إلى كافّة احتمالات التناحر والعمل على تنقية الطريق من الخصوم بالطرق القانونيّة والشرعيّة، وغير القانونيّة وغير الشرعيّة!

وعلى خلاف ذلك قد يكون تحالف التيّار الصدريّالجديد بداية لمرحلة سياسيّة تقود لتشكيل (تيّار شيعيّكبير) بالتحالف مع المالكي، وهذا الاحتمال ضعيف جدّا!

والاحتمال الأكبر أّنّ تحالف الصدر سيقود لترتيب تيّار عراقيّ واسع، يكون الصدر فيه ممثّلا للشيعة، والحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ، بقيادة مسعود برزاني ممثّلا للكرد، وحزب تقدّم برئاسة محمد الحلبوسي ممثّلا للسنة، بالإضافة الى المستقلّين، وسيضغط التحالف لترتيب انتخابات مبكّرة، وربّما، سيحصل الصدر، منفردا، على مئة مقعد، والتحالف الجديد على أكثر من نصف المقاعد البرلمانيّة!

إنّ الواجبات الواقعة على عاتق أيّ كيان وطنيّ عراقيّمستقبليّ ليست هيّنة، وهنالك أعباء ثقيلة، ربّما، تقع معضلات السلاح المنفلت، والأحكام القضائيّة الظالمة في مقدمة تلك الأعباء، وكذلك العمل لحسم الأزمات بين الفرقاء السياسيّين، وبناء حكومة وطنيّة نقية لترتيب دولة المواطنة، والتخلّص من التبعيّة الخارجيّة، ومحاربةالفساد الماليّ والإداريّ، والتوزيع المنصف للثروات!

وأخيرا، وبعد تشكيل (التيّار الوطنيّ الشيعيّ)، لا ندري إلى أين ستتجه سفينة العراق، وهل ستبقى تدور في دوامات التناحر السياسيّ والأمواج العاتية للتحالفات،الكبيرة والصغيرة، التي لم نجن منها أيّ شيء مميز منذ العام 2004، أم لا؟

أرى أنّ نتائج زيارة السوداني الحاليّة لواشنطن ستنعكس على الأوضاع العراقيّة، وبالذات مع الحديث عن هجمات أمريكيّة وإسرائيلية” صباح اليوم الجمعة على فصائل مسلّحة عراقيّة، وحتّى قبل عودة السوداني لبغداد؟

الأسابيع القليلة القادمة ستظهر المزيد من الخبايا المتعلّقة بالعراق والتيّار (الوطنيّ الشيعيّ) الجديد!

dr_jasemj67@