18 ديسمبر، 2024 6:00 م

الذين خرجوا لتسجيل المواقف من هؤلاء السادة الزعماء و السياسيين العرب نحن نعلم بالتجربة و بالملموس أنهم كاذبون منافقون متعودون على بكاء التماسيح ، هى فقط مواقف كرتونية و مجرد جعجعة و كلمات متناثرة تعودوا على اطلاقها فى مثل هذه المناسبات من باب تسجيل الحضور و رفع العتب ، لا أحد من هؤلاء أشباه الرجال من سيتجرأ على اسرائيل و من سيدفع نفسه لمد يد العون للمقاومة الفلسطينية حتى بخرطوشة يتيمة أو برغيف خبز او ببعض السند السياسى وقت الازمات ، هم ثرثارون بالفطرة و بالوراثة و بالمحاكاة ، لقد تعودنا الان على زمجرة هؤلاء الصوتية و على عباراتهم المستهلكة و على مشاركاتهم فى مظاهرات العادة و الالتحاف بعلم فلسطين و بالكوفية الفلسطينية ، كلها مجرد مسرحية قذرة رأينا من أمثالها الكثير بحيث بتنا نعيش زمن الشعارات بدل زمن الانجازات و زمن النكسات بدل زمن الانتصارات ، لا بأس أن نجاهر بأن هذه الامة قد ابتليت ببلاء شديد اسمه الزعماء العرب ، لا بأس أن نستعيد بالذاكرة كل تلك الشعارات و الخطب الرنانة و أن نستنتج أن فلسطين قد ضاعت نتيجة اصغاءنا لكثير من هذه العنتريات التى كانت تبث فى ” صوت العرب ” و من قاهرة المعز بالذات .

اين كل هؤلاء الذين زمجروا و غضبوا و تشدقوا و رفعوا اللافتات و نددوا و صعدوا المنابر و شغلوا وسائل الاعلام و طرحوا التحاليل و تفانوا فى كيل التهم و كتبوا سيول العبارات الساخنة ؟ كلمات نارية و استنكار ساخن و بيانات جاهزة و تسجيل مواقف بأغلظ القول و بعد ذلك رجعوا الى منازلهم و مواقعهم كأن شيئا لم يكن و تركوا أهل القدس فى مواجهة وحشية ابناء وعد بلفور و تركوا الحرة الفلسطينية تهان و تصفح على خديها و يرمى بها على الارض دون نصير أو حليف أو صديق ، خرجت عهد التميمى لتذكر أهل العهد و الوعد المنكوث بأنها الحرة الفلسطينية التى ستدافع عن أرضها و عرضها دون انتظار أنصاف الرجال و بقايا زمن الخيانة العربية ، خرج الشاب الفلسطينى و خرج ذلك الشاب الكسيح ليواجه اصحاب الباطل بلغة الحق الفلسطينى و قدم لكل المتابعين درسا غير مسبوق فى التضحية بالنفيس لتروى الارض الفلسطينية بدماء الاحرار و تزهر يوما ما بنسائم الحرية المنتظرة لهذا الشعب الذى لم يصفوه عبثا بشعب الجبارين ، لا أحد اليوم من كتاب الانظمة العربية الفاشلة يتذكر القضية الفلسطينية و لا أحد فى قناة ” الجزيرة ” يخصص الوقت لعهد التميمى و لمروان البرغوثى لأنه زمن التطبيع و زمن ” سكوت انهم يقتلون القضية ” و زمن قنوات جماعة ثقافة بول البعير و قنوات ” موش حتقدر تغمض عينيك ” .

رفعت الجلسة و انفض الجمع و ركن العلم و الكوفية و اللافتات فى الرف الى موعد قادم ، عاد الجميع الى قواعدهم و الى جلساتهم و نميمتهم السياسية ، عادت البرلمانات العربية الى مناقشة بعض القوانين التى ستحمى الفاسدين و تجار بيع الضمير و التطبيع مع الكيان الصهيونى و بالعكس لن تكون هناك مساءلة للحكومات العربية و لا مجرد توبيخ لهذه الانظمة التى خذلت القضية ، نواب برلمانات العرب لا يبحثون عن اثارة ما سكتت عنه الحكومات العربية بفعل الضغوط الامريكية الصهيونية و لا يريدون احراج انظمة تعودت على الانحناء و مجرد تسجيل المواقف ، بعد صلاة الجمعة الموالية لقرار الرئيس الامريكى بنقل سفارته الى القدس باعتبارها حسب دعواه العاصمة لدولة اسرائيل انفضت المظاهرات و المسيرات الحاشدة التى نظمتها نفس الاطراف و رفعت فيها نفس الرايات و القيت فيها نفس الكلمات و لملم الموضوع على عجل و لا أحد من هؤلاء السياسيين تبرع بمليم او اقترح تنظيم لقاء تبرع بالأموال أو بالأدوية لشعب يعانى على كل المستويات ، لا أحد طالب النظام المصرى بفتح المعابر نهائيا حتى يتنفس هذا الشعب الذى ضاقت رئته بسبب كل هذا الظلم العربى ، لا أحد من السياسيين العرب دعا الى مقاطعة ناجزة أو الى مجهود حربى تسخر اليه كل الطاقات الشعبية بعد ان تخلت الانظمة و رفضت رفع التحدى الصهيونى .

لقد قيل قديما فى احد الشعارات ان ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ، لكن السؤال اليوم هل لا يزال هذا الشعار صالحا أما أن زعماءنا الاشاوس الميامين قد استبدلوه بشعارات محينة أخرى لا نعلمها أم أنهم يطبخون خطة بديلة مناسبة لتحرير فلسطين تطلبت منهم كل هذه السنوات و نحن مدعوون فقط لانتظار اكتمال البدر ، نحن نعيش زمن الغموض السياسى على كل المستويات و لعل ما تعيشه الجامعة العربية من هوان و التباس و خروج عن النص ادى بها الى لعب دور المحرض على الدول العربية بدل انتاج سياسة تمنع تنفيذ المؤامرات الصهيونية الامريكية لتفتيت الدول العربية بالقطعة و بالجملة هو دليل قاطع ان هناك أنظمة عميلة خانت كل المقدسات و المبادئ و المصالح لمجرد الحصول على بوليصة تامين لعروشها الكرتونية ، لقد شاهدنا كيف يستأسد الاعلام العربى فى الحروب الاعلامية ضد الاشقاء ، يكفى فقط ما يحصل بين قطر و بقية دول الخليج ، لكن من حقنا أن نتساءل بمنتهى الاسف لماذا لا يخصص هذا الاعلام نفس الحيز الزمنى على الاقل لمناصرة القضية الفلسطينية بشكل علمى مدروس يؤدى الى خلق رأى عام عالمى قادر على فرض الورقة الفلسطينية فى كل موائد اجتماع الكبار ، نحن لا نشاهد اليوم من هذا الاعلام إلا الصمت المتخاذل و بعض بكاء التماسيح من بعض النطيحة و المتردية و ما ترك السبع من السياسيين العرب .