إذا كان الكلام هراءً وعواءً , فهل الصمت أصدق وأبلغ وأقوى , في زمن مُبتلى بذوي العاهات والآفات الفكرية والنفسية والعقلية.
زمن يتسيّد فيه الفساد والإفساد , ويتسلط الباطل والضلال والبهتان , وتعم المتاجرة بالإنسان , المرهون بالحاجات والمأسور في معتقلات التبعية والإذعان.
زمن إنفجاري الطباع والتطلعات والظنون والتقدم نحو البلاء والهوان.
زمن تندحر فيه العقائد والمذاهب والعبادات والقيم والأخلاق والتقاليد ويصبح الحق فيه مجهول الإسم والعنوان.
فكل ما يحصل في عالمنا المضرج بالفواجع والويلات , محسوب من طقوس ومراسيم التقرب للسلطان.
زمن تُباع فيه الشعوب والأوطان بأبخس الأثمان.
زمن تعاهد مع أباليس الشرور ووقّع معهم معاهدات الثبور , وأدّى يمين التنفيذ والإنجاز وتعهد المصالح بالسلامة والصَوان.
زمن صارت الخيانة فيه وطنية , والتبعية عقيدة , والفرقة دستور , والعدوان على الأخوة الوطنية والإنسانية بطولة , وتخريب البلاد وتهجير العباد إنتصارات , ومعاداة إبن الوطن إفتخار وعزة وربح , ومن آيات الصدق والإيمان.
زمن تنتشر فيه آفات الذل والمخازي والخسران.
هذا الزمن يقبض على عنق أجيال ترزخ تحت طائلة القهر والإمتهان.
والذين يؤازرونه ويعينونه من ذوي المصالح والمشاريع الفتاكة المتوحشة الشرسة , القاضية بمحق الإنسان بالإنسان.
زمن إنتحاري الأفكار والوسائل والتفاعلات , الظلم فيه بطولة , والقتل عبادة , والسرقات رزق من الربّ , والذي يصول ويجول في ربوعه إبن ألف شيطان وشيطان.
زمن الدين فيه , إعتصام بالشقاق والنفاق والعدوان, ورفع رايات المساوئ والمآثم للعنان , والترنم بالأحزان.
زمن مقدّس بأياتٍ وآياتٍ من البهتان.
فدع زمنا يناهض الحياة وينكر الإنسان , وانْتفض واعْصر ما فيك لكي تكون , وتبني في الأرض روائع العمران.
فهل من زمن ينتصر على هذا الزمان الذليل المُدان؟!!