22 نوفمبر، 2024 3:38 م
Search
Close this search box.

زمن الصدفة!

يتألق الفنان الراحل أحمد زكي في تقمص دور المسؤول الانتهازي المتجرد من مبادئه، والمستخدم لشتى الوسائل الخسيسة لبلوغ غاياته وتلبية أطماعه، إلى درجة كتابة التقارير الأمنية على خطيبته والالقاء بها خلف القضبان، ليكون ذلك عربون الوصول إلى المنصب، والذي لم يأتيه على الرغم من كل الخدمات التي قدمها للنظام القائم إلا عبر تشابه الأسماء!!.

وزير الصدفة الذي تقلد مسؤولياته في غفلة من الزمان، يقسم قسماً عجيباً غريباً، لم يشهده أحد من قبل، فهو ينطلق من استغلال هذه الصدفة الفرصة وعدم تفويتها، من اجل خدمة الشعب والوطن والزعيم!.

ويكاد المرء يستحضر تلك المشاهد البديعة وهو يعيش وقتنا الراهن، فالصدفة اليوم تتنوع صورها، وتتسع مجالاتها، حتى ليصح ان نسمّي زماننا الذي نعيشه اليوم بزمن الصدفة، والذي جعل ادارة الدولة تسير من سيء إلى اسوأ، ولا غرابة، فحين يكون المعيار الانتماء قبل الكفاءة، والصداقة قبل نقاء السمعة واليد، والخضوع والتذلل قبل المواصفات العلمية والمهنية، حين يكون كل ذلك هو المعيار… فماذا ننتظر بعد ذلك!

وخلال العقدين الماضيين، وقفنا جميعنا على صور مؤسفة، هي إفراز لاتساع مدى زمن الصدفة، والذي يبدو ان الدول المتأخرة كلها تعيشه، وليس آخرها تلك العداءة الصومالية التي لم تنفعها (الواسطة) لتحولها من سلحفاة إلى متسابقة حقيقية!

فكم سلحفاة لدينا.. وكم عداء وعداءة يثيرون السخرية والأسى لحالنا الذي صرنا إليه؟!!

وسوء هذا الأمر لا يتعلق بالشخص فحسب، وإنما في تردداته على المؤسسات والمجتمعات ككل، فمن يتولى المسؤولية بهذه الصورة سيكون حتماً دون المستوى وسيضطر لاتخاذ شتى السبل الدنيئة كي يبقى، ويا لحسن الحظ ان فكر بالتعلم قليلاً، فهو على الأقل تقدم خطوة إلى الأمام، لكن ما يحصل أن أساس الفعل لا يمنح صاحبه لحظة لاحترام فرصته جاداً، فيزداد خدراً وكسلاً، ويسارع في التهاون والتردي.. خشية أن تدور الدائرة عليه فيأتيه من هو أقرب منه حظوة، واكثر مهارة في التملق والتذلل!!

ان حالة التفكك والوهن الذي أصاب الوطن لها أسباب كثيرة، لكن من أبرزها أن ادوات الفعل كان فيها المشكلة ذاتها، فكيف يُنتظر من فاقد الشيء أن يعطيه بل ويبدع فيه؟!!

لذا، بات من المهم المسارعة لمعالجة هذا الجانب، الذي يسير بنا إلى الوراء، وينحدر بالمستويات إلى أدناها، ويوسع ظاهرة الضعف، ويلقي بنّا في آخر القوائم والاحصائيات انجازاً، وفي مقدمتها إن كانت تؤشر حالة سلبية وانحدار!!

أحدث المقالات