23 ديسمبر، 2024 9:19 ص

زمن الحرب والزهايمر

زمن الحرب والزهايمر

انتهت تلك الايام العصيبة وسوف يعود كل شيء من جديد.. سوف تتلألأ النجوم في السماء ونحن ننظر اليها ننتظر فجر جديد .. كل شيء حطمته الحرب سوف نقوم بترميم اشياءه… حتى تلك الساعة المائلة فوق جدار تلك الغرفة سوف تعود عقاربها بالدوران لتعلن لنا الدقائق والساعات التي سرقتها من اعمارنا… كل شيء قابل ان يعود اذا اردنا تصليحه الا شيء واحد عرفته انه من صنف المستحيل.. ذلك الشيء الذي كلما رأيته اذرفت عليه الدموع دون ادري وخرجت آهات كثيرة سببتها لنا الحروب ومازالت مخزونة في صدري…
لقد عدنا للحياة كل شيء جميل نريد اصلاحه الا هو الوحيد الذي مازال يذكرنا بساعات الحرب والدمار رغم نهايتها…. انه ذلك القلب الذي تملكه جارتنا تلك المرأة الستينية.. حتى انني حاولت مرات عديدة ان اغير طريقي من امام منزلهم ولكن لابديل من ذلك فكلما مررت من هناك اشاهدها تجلس على عتبة الباب واسمع قلبها يخاطبني بلغة القلوب الطيبة المكسورة.. لا اعرف هل يسألني ام يعاتبني ولكن كل ما اعرفه هي نظرات تلك العيون التي تستعطفني لنفس سؤالها اليومي ولسانها يتمتم الكلمات متى يعودون؟؟؟؟؟؟؟
ولكنها وبسبب اصابتها بمرض الزهايمر لا تعرف انهم لن يعودوا لانهم قد رحلوا الى عالم آخر..
مازالت تنتظر بذلك القلب القديم أولادها الخمسة مع اطفالهم ونسائهم ولاتعرف انهم قتلوا في هذه الحرب بصاروخ غادر في احدى مناطق المدينة عندما تم تهجيرهم من منزلهم الى منطقة اخرى.. وهي الوحيدة الناجية التي لم يتم ترحيلها وتركوها في المنزل كونها امرأة كبيرة ومصابة بداء النسيان..
كل يوم وانا اعيش هذه اللحظات احاول ان انسى كل شيء ولكنها تعيد الى ذاكرتي كل الاشياء القبيحة في زمن الحرب..
افكر احيانا ان اقدارنا تنتظرنا في مناطق بعيدة فنذهب اليها مسرعين تاركين خلفنا آمال وذكريات وإمرأة اصابها الزهايمر وبسببه لم تكون مع قافلة الراحلين… ما اجملك يامرض النسيان في هكذا احوال وما اقبحكِ ايها الحرب في كل الاحوال….
نعم لقد عاد كل شيء حتى البيوت المهدمة تم اعادة بنائها وترميمها.. كل شيء.. كل شيء… الا ذلك القلب المكسور لتلك المرأة الزهايمرية التي مازالت لا تعرف عن قصص الحرب ومقتل ابنائها أي شيء….