23 ديسمبر، 2024 12:09 ص

هي صورة اعادتني خمس عقود في نفق الذكريات صورة لمجموعة محتفلين بعيد ميلاد برزت من إحدى زواياها وجه أمراة. تمعنت في ملامحها وإذا بي اعود لحافلة المدرسة التي كنت استقلها غضا صغيرا في مراحل التمهيدي والروضة والابتدائي، عرفتها أنها زريفة “مرافقة الطلاب” في حافلة المدرسة.
كانت زريفة على بساطتها سيدة مسؤولة أودعت بيديها إدارة المدرسة ولسنين طوال تلاميذها لتوصلهم في رحلة الاياب والعودة من وإلى بيوتهم.
أتذكر وانا اعود سنين إلى الوراء خطواتي الاولى في مدرسة مناحيم دانيل الأهلية.حيث كانت زريفة، مرافقة الباص، اول من يقابلك صباحا عند اعتلاءك حافلة المدرسة واخر من تودعهم عند ترجلك من الباص، بعد انقضاء اليوم الدراسي.
لم تكن زريفة تسمح لنا، حتى بعد أن أن قادتنا خطواتنا الصغيرة للصفوف الابتدائية الاولى، بالتدافع في نهاية يومنا الدراسي لاعتلاء الحافلة المدرسية.
فزريفة كانت تشغل وظيفتها بكل جدية وصرامة كانت تستحق وبجدارة لقب “سيدة الباص” حيث كانت من موقعها تتعامل بمسؤولية مع مجموعة اطفال الحافلة لتسلمهم كما تسلمتهم كل يوم لاولياء أمورهم.
كانت تشغل احد المقاعد الخلفية في الحافلة التي تقل مايقارب 50 غضا صغيرا ذهابا وايابا، تتابع بنظراتها تحركاتهم لتنهرهم وبصوتها الجهوري عن أي حركة قد تتمخض لاقدر الله لإصابة جسدية.
لا اتذكر أنها تغيبت ولو ليوم واحد عن وظيفتها التي أوكلت بها على مدار السنة الدراسية. وكانت تقدم، وهي تمد يدها تلاميذها الصغار تساعدهم في نزول سلالم الباص، تقريرها اليومي لأمهات الطلبة عن تصرف أبناءهم أو بناتهم في الرحلة القصيرة /الطويلة من وإلى المدرسة.
رحم الله زريفة وشكرا لها على ما قدمته من خدمات جليلة لاطفال المدرسة.