يتأرجحُ
يخطُّ مسالكه في الريح، يسرق المخمل
بأيّ ذنب ٍ يُحاججني ويُحاكمني،
لستُ قاطع طريق ، ولا جزّاراً أحزُّ رؤوسَ الملأ.
أنا الممتليءُ وهناً يُجاملني الدربُ ، يحتضنُ خَوَري.
تُزغردُ حولي عيونُ الصبيّات والحبيبات
أتلقى أوسمةَ ابتسامتهنَ، ويمضي بي المصيرُ الى مطلب غير معلوم. ارتقي سُلمَ نشيد ٍ كاذب.
أكابدُ وهَناً في ذاكرتي، وآخرَ في تهجّي كتاباتِ وجهِك الأسنى من الفرح.
بيننا هرمٌ من الخجل، جبلٌ من شوق، ومتاهٌ يعلكُ فرصَ اللقاء.
بأيّ تبرير تتشبّث ُ وأنتَ تتلقّاني أولَ مرّة من خمسين عاماً؟
اغتبطتُ بمرآك هلّ عليّ.
ودنياك ديدنُها الاقصاءُ.
رأيتُك: بيدك تحملُ سيرتي الجاثمة طيّ النسيان.
شممتَ فيّ لونَ طفولتنا الغاربة.
كنتَ الوفاء الأوفى حين أحتضنتَ رأسي، ضممتني الى رُوع ِ روحك.
كلانا خاضَ في الغياب القسري.
ونبحرُ الآنَ في وهج اللقاء.
أخيراً، رميت على كتِفَيّ معطفكَ . وتلقفني الغيابُ ثانية.
أنا الى جهة منسية.
وأنت وراء الباب تستقبلُ أنصارك؟
الفُ لعنة ٍعلى السياسة، هي التي مزّقتْ أواصرنا.
…….
عدتَ من عتام شيخوختك الى زحام نضارتك.
وجهُك الضاحكُ ممتليءٌ بفوح الدم لا الندم.
ولتدُمْ نسيماتُ براءتنا ، لا تتلطخُ بسِيان السياسة.
بداية
أشقُّ المدى
أحتضنُ قيثاري وأمضي
السطحُ الناعمُ، صحونُ الزجاج ، مرقُ الفاصوليا
كلّ ما بقيَ لديّ
دع ِ النارَ تأكلُ نفسها
ليذهبْ كلُّ كلام زائف خارج الحلبة
التقطُ ُمنكِ يا صورُما غدا رماداً
سأتركُ الباقي للريح
تعيثُ بها
البلدُ الثاوي بين الأنقاض
تتناهبُه عُصبة ُ الرعاع الغرباء
جيءَ بهم من سماء غرينية
من دسم العقوق
من وجهة اللامأهول
من ضفاف السغب ,
الطرقُ مُتداخلة ٌ
قميصي
ضريرٌ لا يُسعفني على الراحة
صراطي
بدَدٌ يغرقُ في الضغائن
هناك وهنالك
تُطمسُ الموهبةُ في وحل الخلاف
ويتضببُ
المسعى ،الممشى ،المشاعرُ ،الشعائر ،العشاءُ والعُشرة
كذا الخلفُ والسلفُ
قيراط ُ الأمن
ولهاثُ الصعلكة
….
للسُلّمِ يُسقطنا في الهاوية ، للصبح يُفرّك عينيه، للسِلمِ كشّرَ عن ندمه، للقصيدة تتمرّدُ على المغزى ، للعصيدة تُلطخُ أبيات القصيدة، للقصر يكنس الفقراء والشعراء والخفراء ، لكَ ، لها ،لهم ، لأفواه الجياع ، لأحبتنا التائهين
لكلِّ أحد ٍ
هذا الخطابُ الجارحُ أوردة َالبحار والمحار.
وما بقي سيكون خلف الستار.
للوحل ِكلمة
يجري على ركبتيه، يجأرُ من وجع ٍ مستديم، يبثُّ لوعتَه في لبالي النيام طي ضباب رؤاهم المتفشي في آماد اليقين. كنْ ناقرَ دفّ ٍ ولا مشّاءً بالفتنة تلوكها واعيتُك. سلاماً سُلافاً سراجاً تنزفُ سكاكينُك. وريحانة ُ العمر تتحدّى الوعَرَ الصخري. وتفيضُ بعبقَ السحر.
لك تعاويذك ولي بسمتي المغروسة في عُرسي، وبعضي ينحني لسطوة سلطانك. وبعضٌ آخر يغط ُّ في النقاهة. والمُتاحٌ من الوقت يمرّ الى جواري هزاراً مُطفَأ النطق.
أرى عطرَ منديلك يُطاردني، يوغلُ في حُنجرتي ويُقصيني عن تراتيل حُزني. ويمنحُ وجهي أماناً أرقَ من الخرير. يُدحرجني الى أوائلُ أيامي ، يجمعُني بكلّ الاُلى انطفأوا في زحام الغياب. حضروا يحتفون بي. تذكّرتُهم ، فالتفوا حولي وحوّلوني الى وليمة فرح. بعضُهم لم يزلْ يحملُ موجدةً ، لكنها مرنة ٌ سلسةٌ ، ليست محضَ عُدوان، بلها ريحُ صادحة بالصداقة.
…………………
تشيخُ الحنجرةُ ، تتكلّسُ، والأغنية تتضوّأ بالضوء. ترتدي بهاءها المخملي ، تُلازمُ مسمعَ العاشق حين تجتاحه أهوية ُ الخبل.
4/ظلمة ٌ
قبلاً
بابُنا
نُزهة ُ
كلّ غريب
الآنَ
توارى ذكرُه
عرَاه
رتلُ ظلام
خبا ذكرُه
بل
نغمةٌ رثّةٌ
تشدو بها
الألسنةُ
……….
ماجنةٌ
عصافيرُ ثوبك
غاضبة ٌ
أزهارُها
المُتهدّلة
تعلو وتسفلُ
مع الريح
شرفة ً
للنظر الماجن
….
وأنا
بعضُ سراب
بغيض
تدّثرُ به
عيونُ المُشاة
….
كنا حفنة َ
هذيان مُمرّغة ً
بضوء القمر
تجري بنا
خُطانا
………
أعصرُ حظي
ليُخرجَ
دنانيرَ
مشوبة ً
بغُضّة ناعمة
يحملني زهوي
الى المتاه
المُضمّخ بالاثم
….
سُدى
أبذلُ جُهدا
فعروسات الماء
يحتضرن
في منعطفات
المدينة
لا حولَ لي
ولا شأنَ
فيما يموجُ
في أفق
النظر
محضُ كاتب
يلتقطُ قلمي
ما يرى
…..
هي
اللحظةُ العابرة
تُلقمني زادها
وتُريني
ما لا تراه
أعينُ العيان
5/ ماءُ الحنين
له مذاقُ الحنظل، فاكهة ٌمجّة ٌ، قهرٌ دنيوي، شريط ُ ألم ٍ، لهفة ٌ حامضة، حفيظةٌ تنام دهراً ولا تصحو. لغةُ ابتذال مُتدنية، خِصلة ُ ندم واهية، جدولٌ يهرب من مجراه، سَقّاءٌ يبيعُ زُقوماً. قرْشٌ أسودُ في نهار أبيض. حلقة ُشعراء صَدِئت قصائدُهم ، وهمٌ مطليٌ بالكذب. امرأةٌ تشرب ُالنار. وليدٌ يخرجُ من قماطه ، يُغنّي في رواق منسي، صيفٌ يتقيأ حالوباً، زهرةٌ تُخذت مأوى للعفاريت. شهقةٌ تورقُ نُجوماً بيضاً، ليلة ٌ تخمد في سرير أسرارها. تجرفه حكايات منسية، وطنٌ خاويةٌ أرففُه من الكتب. ضاحيةٌ تتناسل حقداً لا محبة ً. غرينٌ يَبِس ٌ يتلو علينا قصص شقوقه وشجونه. شتاءٌ يهربُ من حريق. ندمٌ يجتابُ الشارع. جيبٌ خاو ٍ يشكو من دُنبلة، مَهرٌ مائجٌ يرفس طنين أذني، سلامٌ يرتدي قناعاً أسود. زمنٌ يتراجعُ، بستانٌ غادره رواءٌ خضرته، بساطٌ مُمزّق بات مأوى قمل ٍوبراغيث. جبلٌ ينكفيء ، يجهشُ ، رصيفٌ لا يأوي أحداً ، جادةٌ خاوية . حيرةٌ تذوي . طائرٌ يصرخُ .
…………
…………
لي بيتٌ في أعالي الأمل.
لديّ بُسطٌ ، وسائدُ ، بضعة ُضيوف مجهولين، جرسُ نُحاس ٍظلّ سَكناً للصمت. مرأةٌ تصدحُ بصور الغرباء ، والجين دارتي وخارجين من دون ضجيج.
وأنا… ما زلتُ أسكنُ وقاري ، لا تهمسُ شفتاي بوجع ٍ.
