18 ديسمبر، 2024 7:02 م

رُبَّ كذبة نافعة يا أستاذ علي الأديب

رُبَّ كذبة نافعة يا أستاذ علي الأديب

لم أستغرب من أحد قيادي حزب الدعوة ان يكذب فهذه أحدى الوسائل التي تعودنا عليها من أعضاء هذا الحزب في إسقاط معارضيه واللائحة ممن تعرضوا لهذا التسقيط طويلة ومن الصعب حصرها من مرجعيات دينية وشخصيات سياسية وأحزاب ولفترة ليست بالقصيرة بل تجاوزت الخمسون عاماً والساحة الشيعية تعيش الانقسام والتشرذم بسبب ما يطرحه من أكاذيب بعض أعضاء هذا الحزب ، ولكن الذي يستغرب له كذبة بمستوى أن منظمة العمل الإسلامي هي عبارة عن فئة صغيرة اسسها السيد الهاشمي في إيران كيف استوعبتها ورتبت كلماتها ومن ثم استطعت ان تطرحها ..ألم تخجل يا أستاذ علي من المذيع ؟ ألم تفكر بمن تلتقي به من رفاق الدرب إن كانوا من المنظمة وما أكثرهم أو من تنظيمات إسلامية أخرى أو حتى من أعضاء حزبك ماذا يقولون لك ؟؟؟؟؟ بالإضافة الى وجود الوثائق التي تبين هذه الحقيقة التي لا يمكن تغافلها ، أنا لا أتكلم عن متى تأسست منظمة العمل الإسلامي ومن هم مؤسسيها لأن يوجد أساتذة كبار وقيادات في هذه المنظمة المهمة في تاريخ العراق والمنطقة هم أولّى بكتابة هذا التاريخ المهم لتعريف الأجيال بقادتهم وشهداءهم وتضحياتهم في زمن قلَّ فيه قول الحق وتبني المواقف العادلة ، ولكن أتكلم عن أحداث أنا عشتها في زمن بعيد جدا عما ذكرته أستاذ علي الأديب في مقابلتك التلفزيونية ، وأنا أتذكر نتيجة القرب من جلسات وتجمعات أبناء هذه المنظمة وبعض قيادتها الله يرحم الشهداء منهم ويحفظ الأحياء وأنا في أيام طفولتي أذكر منهم الذين استشهدوا في العراق قبل ظهور السيد الهاشمي ولم يصلوا الى إيران لكي يلتقوا بالسيد الهاشمي أو يسمعوا باسمه حتى يكوّن منهم هذه الفئة منظمة عمل ؟؟؟ كما أدَّعيت وأنت تعرفهم يا أستاذ علي لأنك كربلائي (لأن أكثرهم من أهل الإولاية كما أنت) أمثال الشهيد سعد مهدي العودة الوائلي والشهيد الأستاذ عبد الحسين ابو لحمة والأستاذ الشهيد عبد الحسين الغزالي والشهيد الاستاذ حسين سلمان الأسدي و الشهيد الأستاذ عبد الأمير تبتي والشهيد الأستاذ سالم النجار والشهداء أبناء الحاج مهدي كلة ( سعدي و مقداد ورحمان وهشام) والشهيد هاشم العواد (أخي) والشهيد حيدر العواد (ابن عمي) وغيرهم كثير وأما الأحياء الله يحفظهم ما أكثرهم وأغلبهم من أهالي كربلاء والنجف وكذلك بغداد والحلة وباقي المحافظات . وهذه الأحداث التي قام بها أعضاء منظمة العمل الإسلامي هزت العراق بل المنطقة وكيف لا وهي تواجه دكتاتور ظالم ومجرم وحزب ليس في قواميسه كلمة أسمها المعارضة أو الرأي الأخر . اغتيال خالد السمرمد المسعودي أحد قيادات حزب البعث المجرم في كربلاء في ليلة العاشر من محرم عام 1979 ، وهذه العملية الجريئة التي حدثت وسط محافظة كربلاء ما بين الحرمين وأمام أنظار القيادات الأمنية والحزبية في ذلك الزمان وفي مقدمتهم معاون مدير أمن كربلاء المجرم رفعت التكريتي الذي كان معنيّ بهذه العملية ، هذه العملية الشجاعة التي هزت العراق قام بها الشهيد السعيد طالب العليلي من ابناء المنظمة الغيارى انتقاما لصديقه الشهيد أزهر الطيار أحد أعضاء حزب الدعوة (وهو جيرانكم وصديقكم يا أستاذ علي الأديب) الذي قتله قبل أيام من هذه الحادثة المجرم معاون مدير أمن كربلاء رفعت التكريتي ، هذه هي تربية منظمة العمل الإسلامي التي لا تفرق ما بين أبناء الشعب العراقي إن كانوا من المنظمة أو اي حزب آخر مستوحاة من تربية أهل البيت عليهم السلام ، والحادثة الثانية في نيسان عام 1980 وهي عملية اغتيال وزير الخارجية العراقي طارق عزيز وقد جرح في هذه العملية وكانت بحق عملية بطولية قام بها الشهيد السعيد سمير علي من أهالي بغداد وهو من أعضاء منظمة العمل الإسلامي وكانت هذه العملية معدة لاغتيال المجرد صدام حسين ولكن في أخر لحظة أرسل بدلاً عنه وزير الخارجية طارق عزيز .

وسوف أسرد في هذه العجالة حدث صغير ولكنه يشتمل على معاني كبيرة وعظيمة في الجهاد والشجاعة والتضحية والفداء ، كنت مع أخي الشهيد هاشم والشهيد عبد الأمير تبتي نزور الشهيد الدكتور فؤاد عبد الرزاق المذحجي (أبو سمية) عام 1979 في بيته في الكاظمية المقدسة وناقشوا أبناء المنظمة الوضع في العراق وحساسيته وكيف بدأ ابناء التنظيمات الإسلامية يتركوا العراق ويخرجوا الى الخارج بسبب إجرام البعثيين ولكن هؤلاء الثلاثة تعاهدوا على عدم ترك الساحة للبعثيين وبالفعل ثلاثتهم استشهدوا في العراق ما بين 1980-1982 ، هذه أحداث متواضعة أمام ما قامت به منظمة العمل الإسلامي من عمليات جهادية حيرة العقول وأرعبت القلوب وجميعها في العراق ومن أبناءه الذين تنظموا في المنظمة قبل الثورة الإيرانية بسنوات كثيرة.

إن هذه الكذبة التي خرجت من بين شفتاك يا أستاذ علي الأديب وأنت مسؤول عنها ( وقفوهم إنهم مسئولون) فيها فوائد كثيرة ولو فكرت لبعض الوقت فيها لما قلتها لفوائدها ( ربَّ كذبة نافعة) وخصوصاً والعراق قادم على انتخابات تحتاج بها الأحزاب لكل صوت ودعم ، ومن فوائد هذه الكذبة هو تحريك أقلام قيادي وأبناء هذه المنظمة الكبيرة بكتابة بعض المعلومات عن تاريخها الكبير والمهم وقد قرئنا بعضها بمقال الأستاذ السيد عبد الجبار الموسوي ( كذا تواجه ربك يا ..علي الأديب ج1) وأرجوا من باقي القيادات والشخصيات التي تمتلك المعلومات أن ترفدنا بالمقالات وفاءا لتلك الدماء الطاهرة الزكية التي ضحت من أجل العراق وشعبه حتى يعرف الشعب العراقي من هي منظمة العمل الإسلامي التي اشتركت في قيادة الثورة الإسلامية في إيران وبناء جهازها الإعلامي والكثير من مؤسساتها وفي مقدمتها أهم مؤسسة أمنية ( الحرس الثوري) وخرَّجت لنا الخطباء والمفكرين المشهورين والكتاب والمثقفين الذين يملئون الساحة الشيعية وأسمائهم أصبحت نار على علم كالشيخ الشهيد عبد الزهرة الكعبي والشيخ عبد الحميد المهاجر والشيخ حسن الصفار والشهيد السعيد الشيخ النمر والشيخ عبد المهتدي البحريني وغيرهم كثير وأما إنتاجها الفكري والثقافي والديني فحدث ولا حرج فهذه مؤلفات السادة الشيرازية وفي مقدمتهم سلطان المؤلفين آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي والسادة المدرسية وفي مقدمتهم آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي وآية الله السيد هادي المدرسي وهناك علماء أجلاء وكتاب ومفكرون قد ملئوا بقاع المعمورة بكتاباتهم وأفكارهم ومحاضراتهم ، ومن فوائدها أيضاً أعادة ترتيب بيت منظمة العمل الإسلامي والنزول الى الساحة العراقية وما أحوج هذه الساحة الى تربية وأخلاق أهل البيت عليهم السلام التي تمثلها المنظمة وأبناءها الأجلاء بعد أن نهشت الأحزاب السياسية وفي مقدمتها من يدعي بالإسلامية ثروات العراق بشكل لا يصدق فدمروا بنيته الاقتصادية والعسكرية والسياسية وجعلوا من الشعب العراقي يترحم على الطاغية صدام نتيجة السياسية الفاشلة الفاسدة التي أنتهجها قيادات هذه الأحزاب بل دفعوا الشباب للنفور من الدين والمذهب وخلقوا لنا شباب علمانيين بل شباب ملحدين ، فلا تتعجب عندما ترى العراق مدمراً وشعبه يعاني من الفساد والمحسوبية وأصبح من البلدان المتخلفة في كل شيء لأن الأحزاب التي قادته وخصوصاً من تتظاهر بالإسلامية لا تعرف مصلحة الوطن بل هدفها المصالح الحزبية والشخصية وتستعمل جميع الوسائل والأدوات من أجلً الوصول للقيادة والسلطة مهما كلف الأمر لأن شعارهم الغاية تبرر الوسيلة .