بعد اجتياح صدام للكويت في عام 1990 انطلقت الانتفاضة الشعبانية التي قادتها محافظات الوسط والجنوب ضد حزب البعث الشمولي حيث استطاع المنتفضون من إسقاط نظام صدام في محافظاتهم التي ثاروا فيها واستعدوا لدخول بغداد وإسقاط الحكم المركزي فيها بشكل نهائي لولا ما حدث من صفقات وخذلان للثوار أجهضت على انتفاضتهم وأجهزت عليها .وكان المنتفضون يرفعون في كل مكان يحررونه شعارات تكتب على الجدران وفي الأماكن العامة تندد بصدام وتمجد بالثورة وأهدافها ومن ضمن ما رفعوه في (البانزين خانات ) والشوارع من شعارات هو ( البلد نَفطي والقائد عُفطي ) استهجاناً واستنكارا لسياسات صدام الحربية والعسكرية والقمعية التي حرمت الشعب من ثرواته النفطية الطائلة والتي تعادل أو تفوق ثروات دول الخليج المرفهة بل وصادرتها لتجيرها لصالحها وصالح الحروب الخاسرة وتركت الشعب للجوع والحرمان والاضطهاد .
ويبدُ أن قدر العراق أن يكون أولئك الانتهازيون والمهيمنون على ثرواته موجودون في كل زمان من أزمنته ليلعبوا الدور الخبيث باخسين حقوق الشعب كله أمام مصالحهم الفئوية والشخصية والقومية والتوسعية متخذيها سلاحا لتحقيق أهداف خاصة وضيقة , وخير ما تجلى لنا و خلال العشر سنوات الماضية من الممارسين لذلك الدور المجحف والانتهازي بحق العراق وشعبه هم ساسة الكرد الذين رفعوا شعارهم الذي بات واضحا و معروفا للجميع (مصالح الإقليم فوق مصالح العراق كله) حتى بدءوا يهددون بالانفصال وإقامة الدولة الكردية دون الخوف والخشية من أحد .
المتتبع للأحداث منذُ العام 2003 وحتى اليوم يجد أن جميع الأزمات السياسية والصراعات المذهبية التي أثيرت في العراق وأدت إلى خرابه ودماره كان المستفيد الأول و الأوحد منها هم (الكرد) الذين استقووا على الحكومة المركزية التي أضحت منهكة ومتعبة من كثرة الجبهات والصراعات التي فتحت عليها .
فبدأ الإقليم يُصدر نفط العراق الموجود في محافظات (اربيل والسليمانية ودهوك) دون علم المركز أو الرجوع إليه مع مطالبته المستمرة بزيادة نسبته من الموازنة العامة التي تدفع إليه من عائدات نفط محافظات (الوسط والجنوب) في حين لا يصل لبغداد وبقية محافظات العراق درهما واحداً من نفط الإقليم ومحافظاته , بل تمادى الكرد بسياستهم اتجاه العراق حتى قاموا بالتعامل (إسرائيل) من خلال عقد صفقات نفطية خاصة وسرية فضحها وكشفها الإعلام والصحافة العالمية ,و لم يقف الحال عند هذا التمادي فحسب بل كان الكرد وكالعادة المستفيد الأكبر من دخول (داعش) للعراق واحتلالهم للموصل وصلاح الدين ,حيث ساهم الإقليم ولعب دورا خبيثاً في سقوط الموصل و ما تعرض له الجيش من نكسة بل وأووا الإرهابيين والمطلوبين للعدالة وسهلوا هروبهم و خروجهم إلى خارج البلد , ليظهر بعدها (مسعود بارزاني) مصرحا من كركوك :إن المادة (140) بات في حكم المنتهية وعلى بغداد أن تتعامل مع الإقليم بعد أحداث الموصل ليس كتعاملها معه قبل الأحداث مضيفا أن قواته التي دخلت كركوك ومناطق أخرى متنازع عليها وحررتها ستحافظ عليها وتحميها حتى أخر رجل من الإقليم. وبعد هذا كله أترك للقارىء الحكم هل ينطبق اليوم شعار (البلد نفطي والإقليم عُفطي ) على ساسة الكرد وسياستهم الناقصة اتجاه البلاد ووحدتها والذين لا يهمهم من العراق سوى مصالحهم وأهدافهم الممهدة لإقامة دولتهم الكردية وتقسيم العراق .
فلا مجال أمام (سنة العراق وشيعته ) سوى التوحد للوقوف بوجه هذه الأجندات الطامحة لتقسيم العراق الكبير القوي إلى ثلاث دول أو دويلات صغيرة وضعيفة ..