حامي الانتفاق النووي الأمريكي في البيت الأبيض، ، وزير الخارجية الأميركي السابق ريكس تيلرسون خارج معادلات الإدارة الأميركية وسياساتها الخارجية، ما يعني وجود تحول كبير سيجري في علاقات الولايات المتحدة وحساباتها وسياساتها في المنطقة وخاصة تجاه إيران
إن إقالة ريكس تيلرسون من الخارجية الأميركية وتعيين المدير الحالي لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “سي آي إيه” مايك بومبيو مكانه، يعتبر بمثابة موت للاتفاق النووي، وتأكيدا على انسحاب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق الذي عزز النشاط الإيراني لمحور المقاومة في المنطقة، ما يعني اكتمال الحلقة الرافضة للاتفاق النووي في البيت الأبيض، وقرب إعلان الولايات المتحدة انسحابها من الاتفاق النووي والذي سيعني انهيار شامل لهذا الاتفاق، وخاصة أن سبب إقالة تيلرسون هو خروجه عن الموقف الأميركي العام فيما يتعلق بالاتفاق النووي مع طهران.
أساس الخلاف بين ترامب وتيلرسون هو موقف الأخير المساند الانتفاق النووي الإيراني..
عقيدة تيلرسون الصحيحة هذه هي السبب الحقيقي وراء إقالته، حيث اوهمة اللوبي اليهودي ترامب أن إيران تشكل خطرا على الولايات المتحدة والعالم أجمع، وتعمل على تقديم ازدواجية واضحة في السياسة الأميركية ونهجها في التعامل مع أزمات العالم كونها القوى العظمى التي لا تزال مسيطرة سياسيا واقتصاديا وعسكريا على العالم، وقد جاءت إقالة تيلرسون بتأييد بل وبمطالبة سياسية وأمنية إسرائيل وليس أمريكا ، كون أن استمرار نهج السياسة الأميركية الخارجية على مسار عقيدة تيلرسون سوف تقوي عمل الولايات المتحدة على كافة الأصعدة، وخاصة في مجال مكافحة الإرهاب.
،مع تعيين بومبيو تعتزم الولايات المتحدة اعتماد نهج أكثر صرامة في السياسة الخارجية تجاه طهران وجماعة المقاومة ، لأن الدبلوماسية الناعمة أصبح عديمة الجدوى مع هذه الجهات الداعمة للمحور
المقاومة .
ومن المعروف منذ اندلاع حملة إلغاء الانتفاق النوي أن تلرسليون لعب دور حامي الانتفاق النووي لمصالح اقتصادية، وانحاز عمليا بشكل واضح لانتفاق النووي .
لذا فإن الولايات المتحدة سوف تتخذ في القريب مواقف أكثر حماقة في مواجهة النشاط الإيراني في دعم محور المقاومة ، وسيكون لها مواقف أكثر حزما مع إيران ، خاصة أن إيران تدعم محور المقاومة بشكل مستميت، والمعروف عن وزير الخارجية الجديد بأن له مواقف حازمة تجاه الجماعات المقاومة وعلى رأسها حزب الله اللبناني ومحور الحشد الشعبي ، وهو من أشد المؤيدين لتصنيف الحرس الثوري الايراني منظمة إرهابية، وحين كان عضوا في الكونجرس قدم مشروعا بهذا الشأن، بينما تيلرسون كان يرفض بشكل قطعي تصنيف هذا التنظيم جماعة إرهابية وقد تذرع في ذلك بحجج كثيرة.
إن الإلغاء المتوقع للاتفاق النووي سوف يضع النظام الإيراني في أشد الأزمات الاقتصادية والسياسية، وإذا ما حدث ذلك، فإننا سنشهد انهيارا تدريجيا للمؤسسات الحكومية التي لن تكون قادرة على الاستمرار في العمل بسبب تفاقم الأزمات المالية والاقتصادية في البلاد، ما سيقود إلى احتجاجات شعبية تعم البلاد من جديد. وتعتبر إقالة وزير الخارجية اقالة بالإهانة
ليس أبشع في التعاملات السياسية من الآلية التي أقال بها دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأميركية ريكس تيلرسون وزير خارجيته مؤثراً عليه رئيس استخباراته مايك بومبيو المعروف بدعمه وتأييده للصهيونية
وعدائه للعرب والفلسطينيين ومن خلفهم إيران واتفاقها النووي مع الغرب، فما الدافع لهذا القرار ؟ ولماذا هذا التوقيت بالذات؟
ذهبت التوقعات إلى احتمال إقالة تيلرسون منذ تشرين الأول الماضي حينما بدأت تغريدات ترامب على تويتر تعاكس تصريحات وزير خارجيته بخصوص الملف النووي لكوريا الشمالية ففي حين رأى الأخير إمكانية الدخول في اتفاق سياسي مع بيونغ يانغ سارع ترامب برفض الفكرة من أساسها، لكنه في الأيام القليلة الماضية عاد ليخالف وزير خارجيته بعد تصريحات متشددة بشأن الرنامج النووي لكوريا الديمقراطية ليعلن عن استعداده لتوقيع اتفاق معها واللقاء مع الزعيم كيم جونغ إيل، فهل تكفي هذه المواقف لإقالة تيلرسون على صفحات التواصل الاجتماعي؟
طالعت الصحف الأميركية جمهورها غداة الإقالة بهجوم عنيف على تيلرسون واصفة إياه بالضعف وقلة الخبرة وعدم المعرفة باحتياجات التفاوض واللقاء مع الأصدقاء والخصوم على السواء ، مؤكدة أنه كان يخالف رئيسه في الكثير من المواقف كالاتفاق النووي مع إيران ونقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، الأمر الذي يعكس الحملة المسبقة ضد تيلرسون وتوقيتها ضمن الخلافات الأميركية المتعددة مع أطراف دولية فاعلة ، كروسيا وإيران وكوريا الديمقراطية ، ودور اللوبي الصهيوني في هذه الحملة ، والتدخلات الخليجية المطالبة بإقالته بعد الخلاف ما بينها وبين قطر والاتهامات المشكوك بها في دعم الإرهاب.
جاء تيلرسون إلى الخارجية من موقع المدير العام لشركة إيكسون موبايل باعتباره من أهم وأقوى المديرين الذين تعاقبوا على إدارتها ، في ظل شراكة ضمنية مع ترامب ليتركز الحديث حينها عن توقيع اتفاقيات اقتصادية لساكن البيت الأبيض ، ولكن عدم القدرة على التوفيق ما بين المواقف السياسية والمصالح الاقتصادية أطاحت بالرجل غير المتمرس في ألاعيب السياسة الخارجية الاستعمارية للبيت الأبيض.