يعرّف موقع «ويكيبيديا» الروليت الروسي بأنـّه: «لعبة حظ مميتة نشأت في روسيا سنة 1917 عندما لعبها الجنود الروس. يقوم الشخص الذي يود القيام بها بوضع رصاصة واحدة في المسدس، ثم يقوم بتدوير الإسطوانة التي يمكن أن تحمل خمس او ست رصاصات عدة مرات بحيث لا يعرف ما إذا كانت الرصاصة ستطلق أم لا، ومن ثم يوجه المسدس نحو رأسه ويسحب الزند. تستخدم اللعبة لعدة أسباب، منها الانتحار أو إثبات الشجاعة (والعبث والرهان)».
اما في بلاد الرافدين، فليس بوارد أي مواطن فيه إنهاء حياته بالطريقة المذكورة. ولكن الذين يديرون الأعمال الإرهابية اختاروا أن ينشروا الموت في العراق على «مذهب الروليت الروسي». فالعراقيين، نساء ورجال، كبار وصغار، يُقـْتَلونَ اليوم بناءا على الصدفة البحتة، ولا يوجد أي استهداف شخصي، بل استهداف مبني على «الجغرافيا المذهبية» ليس إلا. ولا يتأسى المنفذون او يرِفّ لهم جفن اذا ما سقط قتلى من الطرف الآخر، فالمُراد أولاً واخيرا هو إعادة إرسال نفس الرسالة: «نحن هنا»، فليس في رسالتهم سوى هاتين الكلمتين، ورغم بساطتها وقِصرها، إلاّ أن الحكومة المركزية لم تتمكن بعد من فك طلاسمها، أو انها لا تريد ذلك بعد.
وحتى تفكك حكومتنا الرشيدة شفرة الرسالة هذه سيبقى العراقي تحت رحمة «الروليت الروسي» حيثما وَلـّى وجهه؛ اذا لعب كرة القدم أو المحيبس، وإذا ذهب ليؤدي الصلاة في أحد بيوت الله أو الى المقهى أو الى محل عمله. بل هو تحت نفس التهديد إذا ما ارتاد حانة أو محل لبيع الخمور. فالمنفذون يعشقون الأماكن المزدحمة التي تؤمن سيل اكبر قدر من الدماء.
لقد أمّـنَ رجالات السلطة انفسهم عن المخاطر بالاختباء خلف حصون «المنطقة الخضراء» وتركوا الشعب يخوض معركة غير متكافئة مع الجماعات المسلحة. ولا يملك رجالات السلطة إلا تكرار التشخيص الساذج وهو: «الاشتباك الشيعي ـ السُنّي» و«التدخل الإقليمي» دون أن يقدّم أيأً منهم ولو تصوّر للحل.
وحتى يهتدي المتمترسون في المنطقة الخضراء وتصحو ضمائرهم ويتحسسوا أوجاع الشعب وعذاباته، سَيواصل ضحايا الروليت الروسي يسكبون الدماء الزكـّية مدرارة.
عاش الشعب والمجد لضحايا الارهاب الأبرار، والخزي والعار للفاشلين المختبئين في البروج المشيدة التي سوف لن تنجيهم من الحساب.
ولله تعالى في خلقه شؤون