23 ديسمبر، 2024 4:44 ص

روسيا و الفخ الاميركي

روسيا و الفخ الاميركي

في عام 2013 اعلن الرئيس الاميركي عن استعداده للقيام بضربة عسكرية ضد النظام السوري الامر الذي اثار ضجة عالمية و وصفت في حينها بشرارة الحرب العالمية الثالثة فالنظام السوري كان قويا و قادرا على المبادرة و اعلن ان المصالح الاميركية في المنطقة ستكون في مرمى النيران السورية اذا ما نفذ الرئيس اوباما ضربته و لكن سرعان ما تراجع اوباما عن ضربته بعدما وضع بنفسه العراقيل امامها و طلب تفويضا من الكونغرس الاميركي للقيام بها رغم عدم الحاجة له و قد وصف اوباما بالتردد و التخوف منذ ذلك اليوم الى يومنا هذا بل انعكس الامر على سمعة الولايات المتحدة الاميركية باعتبارها دولة عظمى اساء اليها هذا التراجع و التخبط الذي يقوم به رئيسها .

اما اليوم و بعد مرور عامين على ضربة اوباما التي لم تنفذ و ما لحق بادارته من ضرر بسبب تراجعه نستطيع ان نصل الى الاسباب التي دعت الى الغائها و استبدالها بأساليب سياسية دبلوماسية و التي لم تستفد منها روسيا و استمرت في اتباعها الاساليب العسكرية التي تخوفت منها الادارة الاميركية ليس لضعف قواتها بل من نتائجها التي ربما ستكون اشد ضررا و انتكاسة فمن الواضح ان ادارة اوباما و اثناء نقاشها مسألة الضربة العسكرية في عام 2013 و التي اعتقدوا انها ستنهي نظام الاسد في عام 2013 توصلوا الى السؤال الاتي ( ماذا لو فشلت العملية ؟) و نفذ النظام السوري وعده بضرب المصالح الاميركية في المنطقة و بمساعدة حلفائه حينها ستكون الولايات المتحدة في مواجهة النظام السوري و روسيا و ايران .

و كما اشرنا الى ان روسيا لا تتعلم الدرس ولا تستطيع الاستفادة من الاحداث بسبب النزعة العسكرية التي يحملها بوتين صاحب السلطة و القرار و اعتماده على قوته العسكرية الهائلة على الرغم من ان زمن الحروب العسكرية انتهى و اصبحت الدبلوماسية الاداة الفعالة في حل النزاعات و لعل الاتفاق النووي التي تم بين الولايات المتحدة الاميركية و ايران خير دليل .

و على الرغم من ان نظام الاسد كان و لا يزال حديث المفاوضات العالمية إلا ان داعش اصبحت حدثا لا يقل اهمية و قد تحشدت دول العالم لمواجهته وصار لدينا معسكرين الاول للولايات المتحدة الاميركية و الاخر حديث العهد تحت قيادة الروس و هو و كما يراه مراقبون الاقوى و الاكثر قدرة على ازالة داعش و لكن هل هذا يعني فشل تحالف الولايات المتحدة الاميركية ؟ بالطبع لا , بل تعتمد الولايات المتحدة سياسة جديدة و قد نجحت نوعا ما في تحقيقها فقد تمكنت من تصوير نظام الاسد و حلفائه على انهم جماعات ارهابية و ما داعش إلا احدى نتائج بقاء الاسد و مرة اخرى سواء عن قصد او دونه نجحت في استدراج روسيا في توجيه ضربات عسكرية ضد داعش الامر الذي سيعود بالنفع على حلفاء اميركا و دول الخليج في المقدمة فنظام الاسد يطلب الدعم او يتخذ من داعش ذريعة في عملياته العسكرية و يعتبر نفسه ضد الارهاب في الوقت الذي تدمر فيه روسيا دعامته و السبب المباشر لبقاء نظامه و اذا ما نجحت روسيا في تدمير داعش و القضاء عليها فستقدم نظام الاسد على طبقا من ذهب الى الولايات المتحدة الاميركية للقضاء عليه بكل سهولة و بأقل الوسائل تكلفة .

اصبح الامر اكثر وضوحا الان فضربة اوباما لم تنفذ إلا ان اهدافها نفذت دون عناء و استطاعت الدبلوماسية طويلة الاجل التي اتبعها في تحقيقها رغم مضي عامين تقريبا مستغلا بذلك اندفاع روسيا و محاولاتها الظهور بصورة المنافس القوي امام الولايات المتحدة الاميركية او حتى بصورة الدولة التي تحارب الارهاب و ربما نحجت في الظهور بصورة الصورة في المنطقة إلا ان ذلك كان جزءا من الفخ الذي نصبته ادارة اوباما