23 ديسمبر، 2024 1:27 ص

روسيا والغرب والثقة المحتملة !!

روسيا والغرب والثقة المحتملة !!

تصريحات أمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف خلال زيارة إلى بانكوك في محادثاته مع الأمين العام لمجلس الأمن القومي التايلاندي سوبوت مالانيوم ، بأن الهدف الطويل المدى للولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو ، هو انها تريد إضعاف روسيا أو تدميرها بأي ثمن ، فضلاً عن تدمير البنية الأمنية في أوراسيا ككل ، ووفقًا له ، فإن الغرب “راهن على عولمة الناتو” ، وبدأ أيضًا في تهيئة الظروف لتعزيز شامل للوجود العسكري في منطقة آسيا والمحيط الهادئ APR) ) و أن اتحاد AUKUS على وجه الخصوص يركز على حل هذه المشكلة ، تستوجب من الجميع الوقوف عندها لخطورتها ، لأن أمام مثل هذه التطورات بالتأكيد ، روسيا لن تقف مكتوفة الايدي حتى يتم تدميرها .
وفي نفس السياق تدخل تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ، الذي أكد فيها إن دول الناتو قد عادت إلى أولويات الحرب الباردة ، وان الناتو لايزال يريد الآن إبعاد الروس عن أوروبا ، خصوصا وان الولايات المتحدة ، بدورها ، استعبدت بالفعل أوروبا بأكملها وتسيطر ليس فقط على سكان ألمانيا ، بل على الاتحاد الأوروبي بأكمله ، في حين أشار وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو ، الى ان الأنشطة العسكرية للدول الأعضاء في الناتو ، أخذت شكل توجه مناهض تمامًا لروسيا ، وشدد على أنه تم بالفعل نشر قوات كبيرة من الولايات المتحدة في القارة ، وأن عدد قوات التحالف في شرق ووسط أوروبا قد نما بشكل ملحوظ.
في مقالنا السابق شخصنا حجم المؤامرة التي كانت ” تحاك ” ولا زالت ضد روسيا ، التي تستند في جميع خطواتها مع الغرب على مبدأ ” حسن النية والثقة ” ، وان ما كشفته المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل في تصريحاتها الى صحيفة ( Zeit ) الألمانية ، حول موافقة الغرب على اتفاقية ” مينسك ” الخاصة بتسوية الازمة الأوكرانية ، بانها كانت نوعا من ” المراوغة ” الغربية لشراء الوقت حتى يتم تسليح أوكرانيا ، تلك التصريحات التي كانت صادمة بالنسبة لروسيا ، وللرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، الذي اعتبر هذه التصريحات تشكك في الثقة المحتملة بين روسيا والغرب ، والقول ، ”هذا مخيب للآمال ، بصراحة ، لم أتوقع أن أسمع هذا من المستشارة الألمانية السابقة ، لأنني افترضت دائمًا أن قيادة FRG تتصرف بإخلاص تجاهنا” .
تصريحات ميركل، نسفت كل جسور ” الثقة ” المتبقية بين روسيا والغرب، حتى في النوايا بشأن وقف اطلاق النار في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا ، والبدء في اطلاق مفاوضات لإيجاد تسوية سلمية بين موسكو وكييف ، لأننا وكما قلنا ، التصريح الألماني نسف جسور ” الثقة ” بالكامل ، وكما اكد الرئيس بوتين مؤتمره الصحفي في قيرغيزستان، ان ” الثقة الان ، تكاد تصل إلى الصفر “، وانه بعد تصريحات من هذا النوع ، بالطبع ، يطرح السؤال: كيف تتفاوض على شيء ما؟ وهل من الممكن التفاوض مع شخص ما؟ وأين الضمانات؟ هذا ، بالطبع ، هو السؤال الأهم ، وهنا توقف الرئيس الروسي عند الموقف الروسي ، الذي كان على موسكو ” التحرك إزاء الوضع في أوكرانيا في وقت أبكر، مؤكدا أن الأمل كان معقودا على حل الوضع هناك بطريقة سلمية.
اذن الرواية الروسية حول أسباب بدء بعملية عسكرية خاصة في أوكرانيا لدرء الخطر ” الدفين ” الذي ” يحيكه ” الغرب تجاه روسيا ، والتي يحاول الغرب ” تجاهلها ” ، كانت في كل تفاصيلها حقيقية وصادقة ، وان الغرب يعرف ذلك تماما ، لذلك سخر آلياته الإعلامية والدبلوماسية الضخمة ، لأبعاد هذه الحقيقة عن أعين العالم ، وان تصريحات ميركل ، عززت من الموقف الروسي وقضيته العادلة ، وروسيا بدأت للأسف دفع ” فاتورة ” التعويل على ما أسماه الرئيس بوتين ” حقيقة أننا سنتمكن من التوافق في إطار اتفاقيات مينسك على إحلال السلام ، لكن ماذا تقول في هذا؟” .

التطورات الأخيرة في ساحات القتال ، و ” تجرأ ” أوكرانيا على قصف عدد من المطارات مهمة داخل الأراضي الروسية ” بمسيرات ” ، يقال عنها أنها تعود الى زمن الاتحاد السوفيتي ، لكنها في حقيقة الامر غير ذلك حسب تصورنا ، فمثل هذه المسيرات خرجت من الخدمة منذ زمن بعيد ، ولا تستطيع القيام بمثل هكذا مهمة حسب اعتقادنا ، وتقييمها بالطبع يعود للخبراء في هذا المجال ، ولا يمكن ان تخلوا هذه العملية من بصمات ” غربية ” واضحة ، وبريطانية على وجه الخصوص ، لذلك جاء رد الرئيس الروسي قويا وحازما ، واكد فيه ” بعد أن يتلقى نظام إنذار الهجوم الصاروخي المبكر إشارة التعرض للهجوم، فإن المئات من صواريخنا ستكون في الجو وسيكون من المستحيل إيقافها” ، وهذا يعني أن سقوط الرؤوس الحربية لصواريخ العدو على أراضي روسيا أمر لا مفر منه، عندئذ ستنطلق مئات من الصواريخ الروسية ، وسوف تسقط على أي حال ، ولن يبقى من العدو أي شيء، لأنه من المستحيل اعتراض مائة صاروخ ، وهذا بالطبع “أمر رادع”.
وفسر الرئيس الروسي، ما تعنيه ” وسيلة الردع ” حتى لا تتعرض هذه الكلمة للتفسيرات الغربية وتأويلاتها ، ومحاولاتهم اللعب في الكلمات، ولهم في هذا المجال الكثير من الأمثلة ، ووصفها بوتين بانها ، هي أن تكون قادرا على حماية بلدك بالأسلحة النووية، وأن إيمان العدو بإمكانية تنفيذ ضربة استباقية، يجعل تفكيره تهديدا لروسيا ، لكنها ستكون استجابة.. ماذا يعني ذلك؟ ، أن الاستجابة ستكون رادعا جادا ، وقال ” إذا اعتقد العدو حتى النهاية أنه من الممكن استخدام ضربة وقائية، ونحن لا، فهذا يجعلنا نفكر في التهديدات التي تخلقها لنا مثل هذه الأفكار من أجل الدفاع عن دول أخرى” ، واكد أن بلاده تقوم بإجراء المناورات للقوات النووية بصورة منتظمة، والاشارة إلى أنها في الوقت نفسه لا تخفي أي شيء بهذا الخصوص ، وان ما نراه هو كل شيء، وان روسيا لا تخفي شيء ، لأنه وكما هو مفترض بموجب الاتفاقيات مع الولايات المتحدة ، تقوم بإبلاغ شركائها بأنها ستجري مثل هذا التدريبات ، ” وهم يفعلون ذات الشيء أيضا”.
أن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا مستمرة كالمعتاد، ولا توجد أسئلة أو مشاكل اليوم، وكل شيء يسير باستقرار ، بحسب تقدير الرئيس بوتين ، ولا توجد أسئلة هناك ولا توجد مشاكل اليوم ، ونفى ان تلجأ روسيا مرة ثانية الى التعبئة العسكرية ، لأنه برأيه لا توجد أسباب لموجات جديدة من التعبئة في منطقة العمليات الخاصة الآن ، ووفقا له ، فإن تناوب المواطنين الذين تم حشدهم بالفعل أمر ممكن ، والاشارة الى انه لا توجد مثل هذه العوامل اليوم ، فهي غير مرئية ، فقد تم استدعاء 300000 كجزء من التعبئة ، يوجد 150 ألفًا في المجموعة ، وأكثر بقليل من 77 ألفًا في الوحدات القتالية ، والنصف المتبقي إما في المركز الثاني أو الثالث – وهذا في الواقع دور القوات الإقليمية – أو منخرط في تدريبات إضافية .
ان الانفتاح الروسي على اجراء المفاوضات لوقف العملية العسكرية وايجاد تسوية سلمية للازمة ، هي ليست من موقف ضعف روسي ، وكما يحاول الغرب تصويره ، وانه نتيجة انتصارات اوكرانية مزعومة ، لا تتعدى كونها وهمية ولا توجد الا في مخيلة الغرب ، لإيهام شعوبهم بها ، لتبرير تقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية الى المهرج الاوكراني ” زيزو ” ، بل على العكس ، فإن الدعوة الروسية للتفاوض هي من موقع مقتدر ، سيتعين على الجميع الاتفاق مع الحقائق التي تتشكل “على الأرض”، بعد العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وقال بوتين “عملية التسوية ككل.. نعم، ربما لن تكون سهلة وستستغرق بعض الوقت، وبطريقة أو بأخرى، سيتعين على الجميع الاتفاق مع الحقائق التي تتطور وتتشكل على الأرض بعد العملية العسكرية”.