نفي وزارة الدفاع الروسية، أمس (الثلاثاء)، 14 مارس (آذار)، الأنباء التي تداولتها وسائل الإعلام بشأن نشر وحدات «قوات خاصة روسية» في ليبيا، ليس جديداً.
في التفاصيل، فإن وكالة «رويترز» للأنباء نشرت تقريراً مثيراً عن التدخل الروسي، في الصراع الليبي الداخلي، بين قوى محسوبة على جماعة الإخوان ومن يحالفها، وقوات الجيش الوطني بقيادة الجنرال خليفة حفتر، ومعه حكومة طبرق وبنغازي في الشرق الليبي.
وللتذكير، فإنه في أبريل (نيسان) 2016، حذَّر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في حديث لتلفزيون «روسيا اليوم»، المجتمع الدولي من التدخل في ليبيا دون تفويض من مجلس الأمن الدولي.
باختصار شديد، شرق ليبيا، يعني جهة الحدود المصرية، يخضع للحكومة الممثلة في مجلس النواب الذي يتخذ من طبرق مقراً مؤقتاً له، وتهيمن قوات الجيش الوطني، بقيادة حفتر، على أغلب المنطقة الشرقية، بينما الغرب، وفيه العاصمة طرابلس، يخضع لحكومة موالية لجماعة الإخوان، ومعها ميليشيات مسلَّحة، لها جيوب في المنطقة الشرقية، كما أن للجيش الوطني جيوباً في المنطقة الغربية أيضاً.
التطوّر الأخطر كان هجوم سرايا الدفاع عن بنغازي على المنطقة النفطية في راس لانوف، مما دعا طيران الجيش لقصف هذه التشكيلات.
في السياسة، هناك رؤية تونسية جزائرية، أوروبية، ترى وجوب إشراك جماعة طرابلس وفجر ليبيا («الإخوان» ومن معهم) في السلطة، وأنه لا يمكن شطب هؤلاء من المشهد، بينما ترى أطراف أخرى، منها مصر، ومعها روسيا، مثلاً، التركيز على محاربة الجماعات الأصولية المسلحة من خلال دعم برلمان طبرق وجيشها الوطني بقيادة حفتر، ولهذا السبب زار الجنرال حفتر روسيا في وقت سابق.
طبعاً مصر شريكة في جهود الحوار السياسي الليبي، وقد استضافت حواراً ليبياً في القاهرة، وشاركت مع تونس والجزائر، وغيرهما، في بناء إجماع وطني ليبي، لكنَّ هناك اختلافاً في الأولويات.
ما يهم هنا هو أنه من الطبيعي أن يكون لروسيا دور ميداني عسكري أمني استخباري ما على الأرض، كما أن دولاً غربية، منها أميركا، لديها تدخلاتها، المثبَتة.
الواقع أنه من حق مصر أن تقلق من الوضع في ليبيا، وتسعى لهزيمة الشر هناك، خصوصاً أنها فعلاً في حالة حرب مع الجماعات الإرهابية بسيناء، مع وجود «الازدهار» الداعشي بسرت والبيضاء وغيرهما.
روسيا في حالة غرق، واستغراق كامل في مياه ورمال الشرق الأوسط التي ما دخلها أحد وخرج منها كما دخل.
الحق نقول، إن ما يجري في بلاد العرب والمسلمين، هو ما يستدعي تدخل الآخرين، لنا كان هذا التدخل أم علينا.
المراد هو أنه رغم المرافعات الروسية عن القانون الدولي والتفويض من مجلس الأمن، تلك الحجة الروسية الدائمة لرفض تدخلات غيرها، فإنها في الواقع تفعل عكس ذلك، ليس في ليبيا فقط.
مرحباً بموسكو في ديارنا… وعالم الواقع.
* نقلا عن “الشرق الأوسط”