23 ديسمبر، 2024 12:13 ص

روسيا- تركيا- ايران: علاقة مصالح..

روسيا- تركيا- ايران: علاقة مصالح..

من المعروف ان العلاقات بين جميع دول العالم: هي في الاول والاخير؛ علاقات مصالح لا اكثر واقل. إنما المهم هنا هل هي علاقات مصالح تكتيكية تؤسس لمصالح بعيدة المدى؟ البعض من تلك العلاقات هي علاقات تكتيكية تنتهي بانتهاء مرحلتها؛ وفي بعض الاحيان تتحول هذه العلاقات الى علاقات ندية لتضارب المصالح في المرحلة التي تلي انتهاء مرحلة التكتيكات. وقد قيل في هذا المجال قديما؛ لا توجد صداقة دائمة بل توجد مصلحة دائمة. في هذا المجال او في هذا الاتجاه والمسار؛ كيف تكون علاقة تركيا مع الكيان الاسرائيلي وايضا مع الدول العربية سواء دول الخليج العربي او بقية الدول العربية؟ وكيف التوفيق والتوافق بينهما اي بين العلاقة مع الكيان الاسرائيلي وتركيا وبين الاخيرة والدول العربية؟ وعلى اي الاسس يتم بناء او تمَ بناء العلاقة بين روسيا وتركيا؛ هل هي تكتيكات مصلحية ام هي اسس تم البناء عليها بعلاقة بعيدة المدى؟ وما هي المصالح القصيرة بين ايران وتركيا، وهل هناك ما يربطهما من مصالح استراتيجية؟ وما نوع العلاقة بينهما من جانب وبينهما وبين دول المحيط العربي من الجانب الثاني؟ وما هو مسار العلاقة سواء القصيرة او طويلة الاجل، بين تركيا وروسيا وبين تركيا والكيان الاسرائيلي، وما بين الاثنين والكيان الاسرائيلي، وما بين الثلاث ودول المنطقة العربية؟ ان اي دولة من هذه الدول تبحث عن مصالحها بصرف النظر عن ما تؤمن به من منطلقات ايدولوجية التي يجري تطويعها بطريقة او بأخرى كي تقع على مسار المصالح سواء الانية او التالية التي ينتجها هذا الطريق. الاخطر والاكثر ألما؛ هو استخدام ما تعرضت له في السابق، وما تتعرض له الى الآن، الشعوب العربية، من ظلم وقهر، وتغيبها، او تغيب فاعليتها وتأثيرها في مصائر اوطانها العربية، من قبل الانظمة العربية المستبدة. إنما الاخطر من الاخطر، والاعمق ألما من الاكثر ألما؛ ان تم ويتم الى الآن؛ استخدام إرادة الشعوب العربية؛ في سوريا ولبنان واليمن والعراق، وفي غير هذه الدول العربية، من الدول العربية الأخرى، من قبل الفاعل الاقليمي والدولي؛ في الاستثمار في هذه الإرادة التي تبحث، عن طريق يقود او ينتج في النهاية؛ دولة ونظام يحترم إرادة الشعب؛ في الحياة الكريمة والإرادة الحرة. هذا الاستثمار من قبل الفاعل الدولي والاقليمي؛ لمصلحة هذا الفاعل الاقليمي والدولي، وليس لمصلحة الشعوب العربية وإرادتها.. استخدامها عند الحاجة؛ كأدوات ضغط في حلحلة الاوضاع العربية وتفكيكها، في الدول سابقة الاشارة لها في هذه السطور المتواضعة؛ في المقايضات والتبادل المصلحي، والمغانمة، بين اطرف الجوار العربي، وبينها وبين الفاعل الدولي. كي نقف على تحولات وتبدلات هذا الطريق او طرق ومسارات المصالح كما في التالي في حدود قناعة هذه السطور، او في مساحة هذه المصالح التي تنتجها او تُظِهرَها على السطح قراءة هذه السطور للواقع المعيش ميدانيا على واقع متحرك بسرعة: تركيا والكيان الاسرائيلي وايضا تركيا ودول المنطقة العربية. تركيا في السنوات السابقة اتخذت موقفا يحسب لها في قطع علاقتها مع الكيان الصهيوني، وادانت ادانة واضحة لا لبس فيها؛ جميع الدول العربية التي طبعت علاقتها مع الكيان الاسرائيلي، اضافة الى مواقف اخرى كانت هذه المواقف تحسب لها وليس عليها. إنما في السنوات الاخيرة غيرت بوصلة علاقتها مع الكيان الاسرائيلي ومع الدول العربية المطبعة بزاوية ميل 180، وكأن شيئا او امرا من هذه المواقف؛ لم يكن له وجود، اي صار من الماضي. الاسباب في هذه التحول وكما يطفوا على سطح الاحداث؛ هو الواقع الاقتصادي التركي، وضرورة عودة اللاجئين السورين الى ديارهم، وقرب انتخابات الرئاسية التركية. لكن في قناعتي ان الامر هو اكبر من هذا بكثير على الرغم من اهميته المرحلية. انها رؤية تركية، اي رؤية القيادة التركية الحالية الى مآل الاوضاع مستقبلا، بما سوف يكون فيها من مقايضات وتوافقات هي في منطلقها وهدفها؛ سوف يتم التأسيس عليها؛ كي تعبر على جسر الاوضاع الحالية الى الضفة الاخرى من خواتمها.. تركيا قد اعادت علاقتها مع الكيان الاسرائيلي ومع اغلب الدول العربية سواء دول الخليج العربي، أو بقية الدول العربية، والبقية في الطريق الى اعادة العلاقة معها كمصر مثلا. وحتى علاقتها مع المعارضة السورية والمصرية اللتان تعارضان نظام الحكم في مصر وسوريا، قد تغيرت كثيرا؛ فقد طلبت من الاخيرة مغادرة الاراضي التركية، اسوة بشقيقتها المصرية. من المؤكد ان الرئيس التركي، السيد رجب طيب أردوغان لاعب سياسي ماهر في المجالين الاقليمي والدولي؛ لذا فهو يلعب على تناقضات الأوضاع الاقليمية والدولية، وبمعنى اكثر دقة وموضوعية؛ فهو يمسك العصا مع جميع اللاعبين الاقليمين والدوليين من المنتصف، حتى لا يخسر اي من هؤلاء عندما تتغير الاوضاع لصالح هذا الطرف او ذاك الطرف. ففي الوقت الذي يبني شراكة جزئية مع روسيا في الحقل الاقتصادي والعسكري؛ يحافظ على علاقته الراسخة مع اوكرانيا ومع امريكا ومع جميع دول الناتو كونه احد اكبر الاعضاء بعد امريكا في هذا الحلف. لتركيا اردوغان طموح ان تتحول ليس كلاعب اقليمي فقط، بل كلاعب دولي في حل المشاكل الدولية، على سبيل المثال؛ المساهمة المنتجة والفاعلة في حل مشكلة تصدير الحبوب الاوكرانية الى العالم، اضافة الى السعي التركي في ايجاد طريق ما يجمع الرئيسين الاوكراني والروسي على طاولة مفاوضات واحدة، لكنه الى الآن لم ينجح في سعيه هذا؛ للموقف الروسي الرافض لمثل هذا الاجتماع. ومن ثم لاحقا وفي الاسابيع الاخيرة؛ تم اعادة العلاقة الدبلوماسية بين تركيا والكيان الاسرائيلي على سابق ما كانت عليه وربما سوف تكون اكثر رسوخا من السابق. تركيا أردوغان من الحكمة والدهاء السياسي بحيث لا ترمي جميع اوراق اللعب السياسي في سلة واحدة؛ فعندما تعيد علاقتها مع الكيان الاسرائيلي، وايضا مع الدول العربية التي كان لها معها موقفا رافضا لسياسة هذه الانظمة مع معارضيها، وفي المقابل داعمة للمعارضة، ومن ثم قلصت هذا الدعم في الفترة الأخيرة، او ربما تلغيه لاحقا، ولو بدرجات متتابعة. هذا يعني ان هناك في الاكمة السياسية ما فيها من خفايا لجهة التحولات والتغييرات المقبلة. تركيا تستبق هذه التحولات كي يكون لها مكان فيها وفي نتائجها. تركيا وروسيا وايران، على الرغم من تقاطع المصالح سواء ما هو أني او ما هو بعيد الامد بين تركيا وايران وروسيا سواء في محيط المنطقة العربية او في اسيا الوسطى؛ فلكل دولة من هذه الدول مصالحها الاستراتيجية وحتى التكتيكية التي تتقاطع مع بعضها البعض، تقاطعا حادا وان ظهر على غير هذه الصورة على سطح الاحداث، لكنه في المقابل لم ولن يغير من واقع هذه العلاقات اي شيء ذات قيمة وفاعلية في الاحداث وتطورها. ايران وباختصار وبلا خوض في التفاصيل؛ لها توجساتها وخوفها من تطورات الصراع بين اذربيجان وارمينيا؛ لتأثيراته على جغرافيتها السياسية، وعلى نظامها السياسي لعلاقة اذربيجان بالكيان الاسرائيلي، وعلى طرق التوريدات والصادرات الايرانية الى اسيا الوسطى او من اسيا الوسطى الى ايران. تركيا من جهتها تريد ان تتمدد في اسيا الوسطى وبالذات في الدول ذات الاصول التركية والتي تشكل الحديقة الخلفية لروسيا، أو مجال او فضاءات روسيا الجيو سياسية، وحتى داخل الجغرافية الروسية. ان هذا التمدد؛ يشكل قلقا كبيرا لصانع القرار والسياسة في الكرملين حسب ما يقول فيه، المحللون السياسيون والكتاب الروس. مع هذا فان الدول الثلاث تضع كل ذلك الخلاف والاختلاف في المصالح الانية منها والبعيدة الامد تحت طاولة الاحداث وتطوراتها وتحولاتها الى حين، لكنها في نهاية المشوار حكما سوف تتقاطع وتتضارب مهما طال امد الوئام بين هذه الدول الثلاث، او ان الاصح لجهة تطورات الواقع بين تركيا وروسيا. إنما العلاقة بين ايران وروسيا بحكم الضرورة الملزمة للدوليتين؛ سوف يكون لها، أو كما هو الوضع بينهما في الوقت الحاضر؛ لها ترتيبات اخرى على طريق المقايضات والاحلال والابدال، المحكوم بإرادة النظام السوري، او بمعنى اخر، القول عندها ان هذا ما يريده او ما يريده من الحل او حلول النظام السوري. في تخادم مع ما تصنعه التوافقات والإرادات.. ان اللاعب الاساس في هذا؛ هو اللاعب الروسي، اي في المقايضات وايجاد الحلول وتفكيك ازمة النظام والشعب السوري الذي يرزح ظلما تحت العقوبات الاقتصادية الامريكية والحصار. الدول الثلاث روسيا وايران وتركيا تتشابك المصالح والعلاقات بينهما على النحوين؛ التكتيكي والاستراتيجي، المرحلي و البعيد الامد . ففي المرحلي؛ هناك حاجة لهم في تفكيك الاوضاع، في المنطقة العربية، وعلى وجه التحديد الحصري في سوريا، اي هناك مقايضات متوافق عليها بين روسيا وتركيا وبمباركة ايران.