المسرح صراع اضداد وفكر وتأمل لما كان وسيكون من احداث انسانية وحياتية يجملها ويعرضها الإنسان الفنان كمخرجا او مؤلفا أو ممثلا او متلقيا واعيا …
والعروض المسرحية الرصينة تحتاج الى رؤية متجددة تخرج العرض من الرتابة التقليدية التي تحدد الاستيعاب العقلي للمحتوى الفكري للعمل المسرحي .فكانت هناك تجارب مسرحية فريدة رغم قلتها، خرجت لنا بنمط جديد لما سيكون العرض المسرحي . ورواد هذا التجديد منهم لايزال يبحث والآخر رحل وهناك من يكمل المسيرة .وابرز هؤلاء المخرج المسرحي د.صلاح القصب الفنان الذي يرى ما لا يرى بأسلوب متفرد يعتمد الصدمة الإيجابية لمفردات الأدوات المسرحية في مغامرة درامية تعتمد الرقي والشفافية لكي تصل للمتلقي المتنوع فهمه,..
عناصرها الأساسية الحركة والإيماءة والإشارة والرمز الغرائبي المدهش حتى يصل لما وراء الصورة التشكيلية لحياة الإنسان وفعله وتناغمه معها المحسوس وغير المحسوس المعلوم والمجهول هي مغامرة الدخول في تثوير العقول المتلقية لتصنع لنا افق جماليا مقبول الذائقة مع عدم التجاوز على جماليات وتقنيات العمل المسرحي…
الفضاء الرحب الواسع هو مساحة اشتغالة ومن هنا يأتي المردود الايجابي اللامنتهي للفعل الفني المنظم, ديالكتيك تصنعه الإرادة الواعية ,هذا الفهم غير المتاح الذي يخلقه لنا صلاح القصب الذي يقول عنه والذي عنوانه (مسرح الصورة، وهو أسلوب ورؤية لم يسبقني إليها أحد من المخرجين، أو المنظرين سوى المخرج العراقي الكبير حميد محمد جواد الذي كان يبحث عن الصورة، وعن قاراتها، لتتجول فيها رؤيته وفلسفته، الصورة انطلقت من أرطو ومحمد جواد ، وبعدهما جاءت البيانات المسرحية الأربعة التي ترجمت إلى اللغة الفرنسية، لتؤكد فلسفة هذا الأسلوب الجديد في المسرح العراقي) .
القصب يستخدم جمع من عناصر ثقافية مهمة لتشكل في النهاية الرؤية المذهلة لما وراء الصورة المسرحية ومن بين هذه المقومات يستحضر: الشعر، والدراما، والسينما، والتشكيل، والنحت، والسحر، والطقس الشعائري،أن عملية التزاوج بين هذه المقومات تحتاج لقوة لوجستية تنظم العمل حتى لايخرج من منطق المعقول الايجابي الى اللامعقول السلبي , ومن ثم مقبولتية لدى المهتمين بالمسرح وجمهوره…
وما يؤكد روح المغامرة له هو ايمانه بتكنولوجيا المسرح فهو يقول (إن اشتغالات قوانين التكنولوجيا في المسرح تعمل على تفريغ المادة من ماديتها لطرح منظومة فلسفية جديدة تنطلق من فلسفة الكوانتم بحثا عن الماورائية في المسرح والفنون والادب)
أن العلم ، ربما بمحض الصدفة ، من خلال نظرية الكوانتم حقق العودة من جديد للقاء الرياضيات بالمادة أو الصوري بالمرئي. ويقترح أومنيس مؤلف كتاب فلسفة الكوانتم مقترح لحل ازمة العالم المعاصر لأن نستغل هذه الالتقاء ، العرضي ، لوضع منهج علمي جديد. يقول أومنيس ، من أجل تحديد مفارقة الكوانتم ، ليس هناك ما هو أكثر من مبادئ ميكانيكا الكوانتم صرامة وبرودا . إن مفاهيمها وقوانينها مقولبة في صورة رياضية جامدة لا مفرّ منها،من دون أثر لأي شيء حدسي،غياب كليّ للوضوح الذي نراه في الأشياء المحيطة بنا وعلاوة على ذلك فإن هذه النظرية تخترق الواقع إلى عمق لا يمكن أن تأخذه إلينا حواسنا.إن قوانينها كليّة كونيّة ، وتحكم عالم الأجسام المألوفة لنا تماما…
أن اصل المغامرة لصلاح القصب في كيفية استخدام هذه المصطلحات العلمية في عروضة المسرحية وتقبلها بفهم من المتلقيين وعمق الإستخدام الخيالي لهذه المستلزمات في تكوين رصانة العرض المسرحي…
صلاح القصب يجعلنا نسافر لعوالم لم تحدث بعد بضربات فنية تتجاوز حدود المسرح الى فضاء ليس له حدود
ويبقى التجريب والحداثة والسينميائية وتعدد الدلالات والوظائف والأجواء الطقسية والتحولات والغموض اهداف مستمرة في عقل القصب واكيد القادم مذهل.