23 ديسمبر، 2024 10:03 ص

التاريخ لايعتني كثيرا بالقدح والذم لجهة التأسيس، فهو يؤسس بالأحداث الجسام، والمواقف والقرارات الحاسمة، وماعداه يكون حكايات، بينما يكون الحدث ملهما، أو صانعا لمايليه من حوادث، ومن حركة حياة للأمم والشعوب.
تعد أسرة البرزاني من أقوى الأسر في تاريخ شعوب كوردستان في منطقة الشرق الأوسط، ولطالما أثرت في حركة الكفاح المسلح ضد حكومات المنطقة في إيران وتركيا وسوريا والعراق، وساهمت في تشكيل وجود مختلف للأمة الكوردية في المائة عام المنصرمة من تاريخ المنطقة على المستوى الإجتماعي والسياسي والإقتصادي، وفي المواجهة المسلحة التي أدت الى مقتل مئات آلاف المواطنين الكورد في عمليات مواجهة مباشرة مع جيوش نظامية، أو بالإبادة الجماعية التي تعرضوا لها، وعبر تاريخ الكورد كانت الحكومات تمارس أقصى درجات العنف معهم، بالرغم من أن العراق يكاد يكون الدولة الوحيدة التي منحت الكورد متنفسا، ولكنها كانت تغلق هذا المتنفس ببراميل الكيمياوي، أو المقابر الجماعية، أو الإقصاء السياسي، في حين يتربص مسؤولون عرب وتركمان بالكورد باحثين عن فرصة لتركيعهم.
الزعيم مسعود البرزاني يغادر منصب الرئيس ليتم إنتخاب صهره وإبن عمه نيجيرفان البرزاني رئيسا للإقليم، وتكريسه زعيما عاما للكورد ، مع إحتفاظ أبناء البرزاني الكبار بمناصب حساسة أمنية وسياسية في الحكومة، وبرغم إعتراضات غير مباشرة من معارضين ومنافسين كورد إلا إن تنصيب البرزاني رئيسا للإقليم، وإحتفاظ أولاد الزعيم البرزاني بمناصب عليا يشير الى إن الأسرة ليست ( متسلطة كما يصفها الخصوم) دون أن نناقشهم كثيرا في ذلك فقد تكون لديهم رؤية نحترمها لأننا على الحياد، ولكننا نصف الأحداث ونحلل التجارب، ولكن هي أسرة عريقة ومتجذرة، وتحتفظ بعلاقات متشابكة ونافذة سواء على مستوى بنية كوردستان، أو على مستوى العلاقة مع القوميات والقبائل في منطقة الشرق الأوسط.
حضور حفل تنصيب نيجرفان برزاني رئيسا لكوردستان من قبل شخصيات تمثل دول العالم الكبرى والإقليمية والعربية، ومن قارات العالم المختلفة، وكذلك حضور كبار الشخصيات والزعامات العراقية سنية وشيعية، ورئيسي الجمهورية والبرلمان يشي بحجم النفوذ الذي تحتفظ به الأسرة، وحجم ماتم تحقيقه من تقدم في مستوى الإدارة والحكم ضمن خارطة السياسة العراقية الراهنة، وهو ماسيكون له أثر أكبر في الفترة المقبلة على طبيعة مانتوقعه من مستقبل الدولة العراقية وعلاقاتها الإقليمية والدولية.
روح الملا مصطفى البرزاني المؤسس كانت حاضرة حتما، فكل هذا الوجود والتأثير هو من صناعته منذ أن كان يحمل بندقيته، ويتعلق بأمل ما على صخور تلك الجبال العتيقة.