23 نوفمبر، 2024 3:48 ص
Search
Close this search box.

رمضان واذكاء الجروح في الدراما العراقية

رمضان واذكاء الجروح في الدراما العراقية

لسنا ممن يمتلك او يردد دائما لازمة الزمن الجميل، وانما نؤمن بان لكل زمن متغيراته وثوابته وظروفه الخاصة به، من هنا يمكننا ان نعتذر للجمهور العراقي عما يقدمه التلفزيون الرسمي وبعض القنوات الفضائية العراقية الاخرى، نعتذر لهم عن كل ضحكة مفتعلة يرسمها كاظم مدلل او باسم البغدادي في برامج هزيلة تكون المطربة اديبة ضحيتها في كل عام، مع اسماء محددة يدفعها العوز المادي للقبول بالتضييف على شاشة القناة ومن ثم تبدأ المهزلة في جو ممسرح بالبكاء والصراخ والعويل، وكأن الانسان العراقي كتب عليه ان يحيا دائما مع المفاجأة الحزينة، وارتفاع الضغط والسكر، وتكون نجاحات المقدم والممثل بقدر تهالك ضيفه وشلله او الوقوع في حالة الاغماء، عندها يكون الطارىء على الفن قد حقق شهرة كبيرة لم يستطع تحقيقها في عمل درامي حقيقي، العراق يمتلك ومنذ ستينيات القرن المنصرم تجربة رائدة في الاخراج والتمثيل والمسرح، ويمتلك كذلك مؤسسات رصينة للدراسة الاكاديمية، تخرج كوادر فنية راقية، لكن في الفترة الاخيرة ومنذ سنوات الحصار صار المسرح اشبه مايكون بالتهريج، وبدأ كيرف الفن في العراق ينحدر شيئا فشيئا، وممازاد الامر سوءا رفع الرقابة عن الاعمال الفنية وعدم فحصها واخضاعها للجنة خبراء، فصار الارتجال سيد الموقف، برنامج زوجوني والذي هو من برامج الكاميرا الخفية ويعرض من على شاشة القناة الرسمية العراقية، اضافة جديدة في الهبوط الدرامي، حوارا وحركات ومواقف، الممثل متلكىء ومتكلف، والموضوع تافه جدا، والمكياج فقير ويدعو للرثاء والبؤس، حتى الامكانات المادية من كاميرات واضاءة واستوديوهات تكاد تكون مضحكة، اما الفنانة المسكينة والفنان المسكين فهو صيد رخيص، فالعيد قادم والاعمال الفنية مع هبوطها وكثرة الطارئين عليها لاتكاد تسد رمق احد من الفنانين سوى القلة النادرة، ممن اقحموا انفسهم على هذا الباب الحيوي في حياة المجتمعات، لقد جربنا جميع الاعمال العدوانية من مفخخات وقتل وعمليات خطف، جربناها حقيقة وعرضت علينا ثانية باسلوب درامي فقير، وها نحن ملئنا عقدا وامراضا نفسية رسخها اكثر الطارئون على الفن، لانهم لايمتلكون الاسلوب في توصيل معلومة او ازاحة غشاوة عن اعين الناس.
الدراما العراقية تحاول اعادة انتاج القديم علّه يرتبط ببعض الحنان لدى المشاهد ويكون العمل ناجحا، وهذا مارأيناه في مسلسلات الريف والشيخ والسركال، حتى ان احد ابناء الجيل الجديد سألني : ماذا تعني كلمة سركال؟، فاجبته : انه نائب الشيخ للامور المالية، المفردة لم تعد متداولة، والوظيفة الغيت، والريف انحدر الى المدينة وصرنا نستورد الطماطة والرقي والبطيخ، فأي سركال هذا الذي تريدون اعادة انتاجه في عام 2017، الفن هو الحياة، حتى ان المقولة الشهيرة: اعطني خبزاً ومسرحا، اعطيك شعباً مثقفا باتت منهاج عمل لدى جميع الفنانين الرواد، لكن للاسف فالحالة السياسية والطارئون على السياسة لادارة هذا البلد استوجب ان يبحثوا ايضا عن طارئين في الفن والثقافة، نحن الآن مشغولون بشخصية السيد الذي راح يوزع صكوك الغفران في دخول الجنة وعدم دخولها، مشغولون بشخصية الشيخ الذي يستحوذ على اراضي الذين هاجروا خارج العراق ويوزعها اقطاعيات، يبحثون في التاريخ ، مرة فدعة واخرى السركال، وكأن العراق لايمتلك سوى الريف، اما هذه الحياة الرديئة التي يعيشها الناس فلا احد يتمكن من مناقشتها، كلنا يعرف تأثير المسرح والتلفزيون في تركيز المعلومة في ذهن المشاهد ، لانها تأتي من حاستين العين والاذن، والديكور الذي يصاحب العمل المسرحي يبقى شاخصا في ذهن المشاهد على مر السنين، خلق جيل الرواد من الفنانين العراقيين والمصريين اجيالا من المثقفين، ويخلق هؤلاء اجيالا من الجهلة تظهر دائما في تفاصيل حركة المجتمع وحياته اليومية لانها جميعا تدعو الى العنف والقتل والدمار وتستخدم الكلمات البذيئة كلغة مسرحية راقية.

أحدث المقالات

أحدث المقالات