من بينا لا يعرف الحلال من الحرام والصالح من الطالح , ومن منّا لا يعرف الصيام وطقوسه وواجباته , كنا نصوم مع اهلينا وذوينا في شهر رمضان المبارك ونمارس طقوسنا بكل طاقة ونشاط , هذه دعوة خالصة لأغلب السياسيين العراقيين في هذا الشهر الفضيل : تجنب الكذب والنفاق والدجل مع ابناء الشعب لان حبل الكذب قصير , الشعب يعيش أزمة حقيقية من شحة المياه والجفاف والتصحر والهجرة المعاكسة للمدن , الناس تعيش أزمة معيشية صعبة وهي تشكو من قسوة العيش ومن جشع التجار ” المسلمين ” تحديداً , فتراهم يبكون بقلوبهم وضمائرهم من غير دموع , وهذا ندائنا لرجال الدين لأننا ملينا وجزعنا من مخاطبة الساسة بكافة صنوفهم ومذاهبهم وأشكالهم , لذلك فما عليكم يا اخوتي في الدين أن ترشدوا الناس من السذج والبسطاء الذين يجلسون امامكم ويستمعون لخطبكم فهم أناس سارحون منهم لا يعرف فقيرهم كيف يؤمن علبة الحليب لأطفاله الرضع , ومنهم لا يستطيع تأمين دواء لأمراضهم المزمنة كالضغط والسكر على سبيل المثال لا الحصر , ومنهم لا يستطيع تأمين أجور نقل اولادهم للمدارس ودفع فواتير الدراسة الاهلية المضنية , ناهيك عن دفع فواتير المولدة والانترنيت ومياه شرب ” الآرو ” .
عليكم ان تتحدثوا عن احتكار السلع والمواد الغذائية من قبل هؤلاء التجار الجشعين والعمل بمبدأ التكافل الاجتماعي ومساعدة الفقراء والمعوزين , تحدثوا عن التسامح والعفو عند المقدرة وصفاء الانفس في هذا الشهر الفضيل , تحدثوا حول المعاملة في الدين حيث ان الدين هو “المعاملة الحسنة ” وان الدين ليس صياماً او صلاة او عبادة والامتناع عن الاكل والشرب فقط, الصيام من صام لسان المرء وعيونه واطرافه عن كل عمل يقوم به , تحدثوا عن أجر وثواب من يزكي امواله للفقراء والايتام والثكالى اذا كان ميسور الحال , وله أجر عشرات الاضعاف من يدخل البهجة والسرور لعائلة محتاجة لسلة غذائية رمضانية تكفي للشهر الفضيل , ادخلوا الفرحة لإنسان يعاني من الحرمان وشظف العيش , ادخلوا الامل والشفاء لمريض مصاب بمرض عضال, لا تكرروا على الصائمين الحديث عن مقدار زكاة الفطر وهل يجب اخراجها طعاماً او نقداً فهي معروفة وسياق متصل لما ورثه آباؤنا واجدادنا العظام , تحدثوا عن البيوت المغتصبة من اهاليها الشرعيين وحرمة الصيام والصلاة والعبادات فيها, قولوا لهم ان من يفطر بعد صيامه بمال حرام منهوب بان لا صيام له ولا أجر ولا ثواب, تحدثوا عن حرمة المال العام ومحاربة الفساد والفاسدين .
هكذا هو الحديث فالصيام بحر واسع وله معانٍ عدة مرتبطة ببعضها بعضاً، ورمضان تفتح فيه ابواب السماواة السبع , نرجو ان نكون قد وفقنا بمخاطبة رجال الدين في تقديم النصح والارشاد للمؤمن والمواطن البسيط في شهر رمضان المبارك , والفائدة الصحية والدينية من الصيام , وماله من معانٍ ومراتب عليا عند الله ، وما يتعلق به من أحكامٍ يجب معرفتها وفهمها للوصول إلى صيام مقبول , العبادة بحرٌ واسع لا يمكن الإحاطة بها من الجوانب كافّة، لكن بكلّ تأكيد ان يصل الصائم بتلك الجوانب المشرقة إلى أن يكون مؤمنًا خالصًا لله تعالى.