رمضان بين الماضي والحاضر – المقالة السابعة والعشرون

رمضان بين الماضي والحاضر – المقالة السابعة والعشرون

قبل نهاية كل شهر رمضان بثلاثة أيام تقريبًا، وتحديدًا في ليلة السابع والعشرون من هذا الشهر المبارك، تصادف ليلة مباركة وهي ليلة القدر. ولهذه الليلة قدسيتها الخاصة، حيث يُعتبر قيام الليل أحد أركانها، فتجد الناس يقضون ليلهم في المساجد أو في بيوتهم، سواء كانوا في القرى أو الأرياف أو داخل المدن، من أجل تكثيف الدعاء وطلب قضاء حاجاتهم من الله سبحانه وتعالى.
لقد ذُكرت هذه الليلة المباركة وقدسيتها في القرآن الكريم، وقد أُنزلت سورة كاملة لها وهي سورة القدر. نعم، فليلة القدر تُعتبر لدى المسلمين عمومًا ذات أهمية مقدسة كبيرة، فتجد العوائل إما أن يذهبوا للمساجد القريبة منهم او يبقوا في منازلهم حتى ساعات الفجر الأولى وهم يقضون ليلهم بالدعاء لله سبحانه وتعالى لقضاء حوائجهم او الحفاظ على عوائلهم وطلب الرحمة والمغفرة منه، لأنهم يعتبرون أن هذه الليلة مميزة في هذا الشهر الفضيل المبارك وكل دعاء فيها مستجاب مع وجود.الايمان المطلق في عظمة الله سبحانه وتعالى…
عندما كنا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي في القرى والأرياف، كانت بالنسبة لنا سهرة ليلة القدر لها ميزة خاصة وفرحة داخل قلوبنا، رغم أننا لم نكن ندرك من التعاليم الدينية الشيء الكثير، ولكننا وجدنا من قبلنا يهتم ويعطي هذه الليلة قدسية خاصة. فكنا نسهرها على شكل مجالس يجتمع فيها كل حسب فئته العمرية، فالشباب تجدهم في مجالسهم الخاصة، والرجال الكبار لهم مكان في أحد بيوت القرية يجلسون فيه، والجميع وحسب معتقداتنا القديمة ينتظرون أن تكون ساعات هذه الليلة مليئة بالأنوار والأضواء. وكثيرًا ما نسمع أن فلانًا قد رأى ليلة القدر وأن الله قد استجاب له كل أدعيته. ولكن في مرحلة الإدراك وربما مرحلة الشباب، وبعد أن أدركنا وتعلمنا الكثير من الأمور الدينية، وجدنا أنها ليلة خالصة لعبادة الله.
كنا نسمع من أسلافنا أن في هذه الليلة يتجلى الباري عز وجل، فتجد أن الليل قد أصبح نهارًا. وبما أننا كنا نعيش في قرية لا توجد فيها أنوار الكهرباء وغيرها، فتجد الظلام الدامس يحيط بنا من كل اتجاه، ولذلك تجدنا نتحسس ونتلمس وننتظر رؤية هذه الليلة المباركة وقد يتحول ليلها الى نهار… كانت في الحقيقة عبادتنا بنوايا سليمة، والادراك بمفهوم الفطرة الربانية في وجود الباري الخالق الذي فرض علينا كل التعاليم والفرائض الدينية، وقسم لنا أيام السنة أشهرًا ومنازل، وفرض علينا الصيام في هذا الشهر المبارك، وأنزل كتابه العزيز في ليلة القدر، الليلة المباركة التي تجد كل المسلمين الموزعين في انحاء الكرة الأرضية يسهرون ليلهم في المساجد وفي بيوتهم وهم يقرأون القرآن ويسجدون لله خوفًا وطمعًا، وهم يدعونه بأدعية مختلفة وبألسنتهم المتنوعة، طالبين منه الرضا عنهم وهم يقدمون الحمد والشكر لما أعطاهم من نعم كثيرة…
نعم، إنها ليلة القدر
((وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر)) صدق الله العظيم.
وإلى مقالة أخرى… وليلة قدر مباركة كريمة.

أحدث المقالات

أحدث المقالات