23 ديسمبر، 2024 2:09 م

البصمة العراقية حاضرة في كل ابتكار، خاصة عندما يتعلق الأمر باستخدام تكنولوجيا الاتصالات، إذ لم يقتنع العراقيون أن التواصل عبر الجوال يكون بمكالمة هاتفية أو رسالة نصية فحسب؛ لذا ادخلوا بالفطرة تحسينات تتوافق مع طبيعة العرب المنحازة للإيجاز، ألا وهي (الترميش) المأخوذة من رمش العين للدلالة على سرعتها الخاطفة، لدرجة أن المتلقي يتسمر عاجزا عن الرد.
 ولـ (الترميش أو المسكول) استخدامات عديدة لعل أهمها النجدة، وذلك عندما لا يملك المتصل رصيدا كافٍ  فيستنجد بصديق او قريب كي يتصل به او يرسل اليه ما يسد به رمق هاتفه النهم.
وللبخلاء، الحريصون على عدم إهدار المال عبر الأثير، طالما ان آخرين مستعدون لذلك.
وأحيانا للتذكير، فاحترام الموعد صار آخر اهتمامات العراقيين إلا من رحم ربي، لذا وجد بعض المتضررين من “قلة الاحترام” في (مسكول) قصير نسبيا خير وسيلة لتذكر الآخرين بمواعيدهم، خاصة من اكتووا بنار الانتظار من قبل.
كذا للحب والغرام بعد منتصف الليل، جولييت (ترمِّش) لروميو او العكس، الناس نيام والتخفيضات مشجعة لبدء اتصال لا ينتهي الا عند انفلاق الفجر او بلوغ الاشباع!
تبدو هذه أشهر الأنواع الدارجة بين العراقيين، لكن قد تطرأ أخرى في الأحداث الجسام كالقمة العربية، فربما تلقى قادة العراق -خلف الكواليس- (ترميشات) من نظرائهم العرب، يردون على مصادرها باتصالات مطولة محشوة بأحاديث مسهبة، ولسان حالهم يقول: لقد ذبحت بغداد المليارات في شوارعها قربانا للزعماء العرب، غل الأيادي في هذه المناسبات غير محمود!
مؤخرا ظهر (مسكول) نادر في محافظة نينوى، احتارت شركات الاتصالات في تصنيفه لان المعطيات المتوفرة عنه معقدة جدا وغير مسبوقة، وكما يلي:
مصدر الـ(المسكول) مسؤولات ذوات مستوى عالٍ يتقاضين راتبا بالملايين، ورصيدا لجوالاتهن لا يقل عن مئة وثمانين ألف دينار شهريا، المتلقون موظفون بسطاء، الموضوع لأمور تهمهن.
اختصارا للوقت .. ننصح من يبحث عن تحليل علمي لهذه المعطيات زيارة قسم الحسابات في مجلس المحافظة، للاطلاع على قائمة حسابية تكشف إنفاق اكثر من 70 مليون دينار-في الأشهر الخمسة الماضية فقط- من مجموع 75 مليون خصصت ضمن موازنة 2012، لتغطية تكاليف المكالمات الهاتفية لأعضاء المجلس خلال العام الحالي!
ومن المتوقع أن يتعاظم العجز في رصيد جوالات أعضاء المجلس بسبب عودة 12 منهم بعد مقاطعة استمرت ثلاث سنوات، كما يعتقد مراقبون ان (مسكولات) المسؤولين ستنقرض خلال حملة الانتخابات المحلية المقبلة لأنهم سيستعيضون عنها بمكالمات ودية ووردية صوب المواطنين…